ضاع عُمْري في دياجيرِ الحياة وخَبَتْ أحلامُ قلبــي المُغْرَقِ ها أنا وحدي على شطِّ المماتِ والأعاصيــرُ تُنادي زورقي ليس في عينيّ غيـرُ العَبَراتِ والظلالُ السودُ تحمي مفرقي ليس في سَمْعيَ غيرُ الصَرَخاتِ أسفاً للعُمْـــرِ، ماذا قد بَقِي ؟ سَنَواتُ العُمْر مرّت بي سِراعا وتوارتْ في دُجَى الماضي البعيدْ وتبقَّيْتُ على البحْر شِراعـا مُغرَقاً في الدمْع والحزنِ المُبيدْ وحدتـي تقتلُني والعُمْرُ ضاعا والأَسى لم يُبْقِ لي حُلماً "جديدْ" وظلامُ العيْش لم يُبْقِ شُعَاعـا والشَّبابُ الغَضُّ يَذْوي ويَبِيـدْ أيُّ مأساةٍ حياتي وصِبايــا أيّ نارٍ خلفَ صَمْتي وشَكاتي كتمتْ روحي وباحتْ مُقْلتايا ليتها ضنّتْ بأسـرار حياتـي ولمن أشكو عذابـي وأسَايا ؟ ولمن أُرْسـلُ هذي الأغنياتِ ؟ وحوالـيَّ عبيـدٌ وضحايـا ووجودٌ مُغْـرَقٌ فـي الظُلُماتِ أيُّ معنىً لطُموحي ورجائـي شَهِدَ الموتُ بضَعْفـي البَشريّ ليس في الأرض لُحزْني من عزاءِ فاحتدامُ الشرِّ طبْعُ الآدمــيِّ مُثُلي العُلْيا وحُلْمي وسَمَائـي كلُّها...
بلوق الميز
تعالَ لنحلُمَ ، إنَّ المسـاءَ الجميـلَ دنا ولينُ الدُّجَى وخدودُ النُّجـومِ تُنـادِي بنا تعالَ نصيدُ الرؤى ، ونعُـدُّ خُيـوطَ السَّنَا ونُشْهِدُ منحدراتِ الرمـالِ على حُبِّـنَا * * * سنمشي معاً فوق صـدْرِ جزيرتنا السَّاهدة ونُبْقي على الرملِ آثارَ أقدامِـنا الشَّاردة ويأتي الصباحُ فيُلقي بأندائـهِ البـاردة وينْبتُ حيث حَلُمْنا ولو وردةً واحـدة * * * سنحلُمُ أنَّـا صعدنا نَرُودُ جبـالَ القمرْ ونَمرحُ في عُزلـةِ اللا نِهاية واللا بَشَرْ بعيداً بعيداً ، إلى حيث لا تستطيعُ الذِّكَر إلينا الوصولَ فنحن وراءَ امتدادِ الفِكَرْ * * * سنحلُمُ أنَّـا اسْتَحَلْنا صبيَّيْنِ فوقَ التـلالْ بَريئَيْنِ نَركضُ فوقَ الصُّخورِ ونَرْعَى الجِمَالْ شَرِيدَيْنِ ليسَ لنا مَنْزِلٌ غيرَ كـوخِ الخَيَالْ وحِينَ نَنَامُ نُمَرِّغُ أجسادنا في الرِّمَـالْ * * * سنحلُمُ أنَّـا نسيرُ إلى الأمسِ لا للغَـدِ وأنَّـا وصلنا إلى بابلٍ ذاتَ فجرٍ نَـدِ حَبِيبَيْـنِ نَحْمِـلُ هـوانا إلى المَعْبَـدِ يُبَارِكُنا كَاهِـنٌ بابلـيٌّ نَقِـيُّ اليَـدِ * * *
مرثية امرأة لا قيمـة لها " صور من زقاق بغداديّ " ذهبتْ ولم يَشْحَبْ لها خَدٌّ ولم ترجفْ شفاهُ لم تسْمعِ الأبوابُ قصَّةَ موتِها تُرْوَى وتُرْوَى لم ترتفعْ أستارُ نافذةٍ تسيلُ أسىً وشَجْوَا لتتابعَ التابوتَ بالتحديـقِ حتى لا تـراه إلا بقيَّـةَ هيكلٍ في الدربِ تُرْعِشُه الذِّكَرْ نبأٌ تعثَّرَ في الدروبِ فلم يَجد مأوىً صـداهُ فأوى إلى النسيانِ في بعضِ الحُفَـرْ يَرثي كآبَتَهُ القَمَرْ . * * * والليلُ أسلمَ نفسَهُ دونَ اهتمـامٍ ، للصَّباحْ وأتى الضياءُ بصوتِ بائعةِ الحليبِ وبالصيامْ بِمُواءِ قِطٍّ جائعٍ لم تَبْقَ منه سوى عظـامْ بِمُشاجراتِ البائعين ، وبالمـرارةِ والكفاحْ بتراشُقِ الصبيان بالأحجارِ في عُرْضِ الطريقْ بِمَساربِ الماءِ المُلَوَّثِ في الأزِقَّـةِ ، بالرياحْ تلهو بأبوابِ السطوح بلا رفيقْ في شبهِ نسيانٍ عميقْ * * *
تَململت الساعةُ الباردةْ على البرج , في الظلمة الخامدةْ ومدّتْ يداً من نُحاسْ يداً كالأساطير بوذا يحرّكُها في احتراسْ يدَ الرَّجل المنتصبْ على ساعة البرج , في صمته السرمديّ يحدّقُ في وجْمة المكتئبْ وتقذفُ عيناهُ سيلَ الظلامِ الدَّجِيّ على القلعة الراقدةْ على الميّتين الذينَ عيونُهُمُ لا تموت تظَلّ تُحدَّقُ , ينطقُ فيها السكوتْ وقالتْ يد الرَّجُلِ المنتصِب: "صلاةٌ , صلاهْ !" * * * ودبّتْ حياهْ هناكَ على البُرْج , في الحَرَس المُتْعَبينْ فساروا يجرّونَ فوق الثَّرَى في أناهْ ظلالَهُمُ الحانيات التي عَقَفَتْها السنينْ ظلالَهُمُ في الظلام العميقِ الحزينْ وعادتْ يدُ الرجل المنتصِبْ تُشير: "صلاةٌ , صلاهْ !" فيمتزجُ الصوتُ بالضجّة الداويهْ , صدَى موكبِ الحَرَسِ المقتربْ يدُقّ على كلّ بابٍ ويصرخُ بالنائمينْ فيبرُزُ من كلّ بابٍ شَبَحْ هزيلٌ شَحِبْ , يَجُرّ رَمَادَ السنينْ , يكاد الدُّجى ينتحبْ على وَجْهِهِ الجُمْجُمِيّ الحزينْ * * * وسار هنالكَ موكبُهُمْ في سُكونْ يدبّونَ في الطُّرقاتِ الغريبةِ , لا يُدْركونْ لماذا يسيرونَ ? ماذا...
لاحتِ الظلمةُ في الأفْق السحيقِ وانتهى اليومُ الغريبُ ومضت أصداؤه نحو كهوفِ الذكرياتِ وغداً تمضي كما كانت حياتي شفةٌ ظمأى وكوبُ عكست أعماقُهُ لونَ الرحيقِ وإِذا ما لمستْهُ شفتايا لم تجدْ من لذّةِ الذكرى بقايا لم تجد حتى بقايا انتهى اليومُ الغريبُ انتهى وانتحبتْ حتى الذنوبُ وبكتْ حتى حماقاتي التي سَمّيتُها ذكرياتي انتهى لم يبقَ في كفّيّ منه غيرُ ذكرى نَغَمٍ يصرُخُ في أعماق ذاتي راثياً كفّي التي أفرغتُها من حياتي , وادّكاراتي , ويومٍ من شبابي ضاعَ في وادي السرابِ في الضباب . كان يوماً من حياتي ضائعاً ألقيتُهُ دون اضطرابِ فوق أشلاء شبابي عند تلِّ الذكرياتِ فوق آلافٍ من الساعاتِ تاهت في الضَّبابِ في مَتاهاتِ الليالي الغابراتِ . كان يوماً تافهاً . كان غريبا أن تَدُقَّ الساعةُ الكَسْلى وتُحصي لَحظاتي إنه لم يكُ يوماً من حياتي إنه قد كان تحقيقاً رهيبا لبقايا لعنةِ الذكرى التي مزقتُها . هي والكأسُ التي حطّمتها عند قبرِ الأمل الميِّتِ ,...
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://almaze.co.uk/