بلوق الميز

موقع المغتربين العرب

صحيفة الشمس كعادتها تشن هجوماً على كل ماهو وطني

مهرجان   (( الأسطى   )) أم مهرجان السطو على الثقافة والمجتمع   ؟!

كانت  الثقافة وتبقى ميدان الصراع الأساسي بين النقائض والأضداد ، وحين لايتجلى انتصار البديل إلا بإزاحة الواقع بل وإزالته يصبح كل حديث عن هامشٍ  للحوار أو فرصة للتعايش مجرد عبث ومناورة وإخفاء للحقائق الساطعة خلف ستائر الخداع وأستار الدخان .

 بهذا المعنى نفهم نحن المعنيون بليبيا الوطن الذي حرَّرته الثورة  بفعلها التاريخي الذي صاغته ارادة وإصرار الثوار الشرفاء ، ولم تصنع خيوط حلته الزاهية القشيبة أوهام العابثين والمتحزبين والباحثين بين أيديولوجيات العالم المريضة على ملاذٍ وهويةٍ رغم أن الطريق أمامهم واضح المعالم لكنهم لايرونه ، ليس لأنه غير موجود ، بل لأن  أبصارهم زاغت وبصائرهم غامت وغابت وفيهم يصدق قول الحق عزَّ وجلّ »  وإنها لاتعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور « .

 أقول .. بهذا  المعنى نفهم ماينسجه  زاعمو الإصلاح المرتبطون بمشاريع التدخل والهيمنة الخارجية من خيوطٍ للتآمر على سلطة الشعب وخياراته التاريخية تحت أسماعنا وأبصارنا ومن بين أيدينا وبين حنايا وثنايا صمتنا المتسامح الذي يكاد يصبح تواطوءاً ضدنا من  أنفسنا ومؤامرة  منا لم نقصدها لكننا شاركنا فيها من حيث لاندري ضد جماهيريتنا بل ربما ضـــد وجودنا شعباً وكياناً   .

ونسيجهم الشيطاني هذا يبدأ من الثقافة وسينتهي اذا لم نستيقظ ونتنبه ونحذر ونُبادر بالعمل المضاد إلى الشارع والناس لأن البديل الحزبي المطروح عن سُلطة كل الناس ، والذي بدأت ترتفع به أصوات الموتورين والهاربين والطلقاء الذين لم يبرأوا بعد من ادواء التآمر لايكون ولايتحقق إلا بضرب الاستقرار القائم والمؤسَّس على شرعيةٍ حقيقية هي شرعية سُلطة الشعب أو شرعية الشعب الذي منحها لنفسه ومارسها عبر مؤتمراته ولجانه ولم يتنازل عنها لحزب أومجموعة  أو فرد .

وقد اختارت تلك الفلول المتناثرة والمتوزعة بين مناطق البلاد شعاراً واحداً هو المجتمع المدني كمقابل مُناقض لما يعتبرونه زورا السلطة ، فماذا يكون المجتمع الليبي الجماهيري في هيئته الحالية وواقعه المعاش إن لمْ يكُن مُجتمعاً مدنياً حقيقياً يتكون من مؤتمرات وكومونات ونقابات وروابط وجمعيات وجامعات ومنارات ومؤسَّسات عامة وأهلية ومنتديات وبيوت ثقافة ووسائل اتصال شعبية وفردية وملتقيات وفعاليات .

إن الخطاب النشاز الذي تعالت نبرته وتصاعدت وتيرته والقائل بوجود منظمات اهلية في مواجهة مؤسسات حكومية في بلد لاحكومة فيه رسميًا ولا واقعياً هو خطاب خطير جدا ليس لأنه فقط غير صحيح ومزور، بل أيضا لأنه يُخفي ويستبطنُ دعوة للتمرد على ماهو قائم، ولا أحد يجهل خطورة التمرد والانشقاق والانشطار خطاباً وفعلاً  على استقرار أيِّ مجتمع وبقاء أيّ دولة خاصة  وأن أصحاب وصائغي ومرددي ذلك الخطاب سيتواجهون عاجلا أم  آجلاً  سلماً أو عنفاً مع الرافضين لمنطقهم المؤمنين باختياراتهم المدافعين عن تماسك مجتمعهم وأمنه واستقراره ، فإلى أين يأخذنا أولئك الموتورون الراغبون،  عن حقد لا عن حق، في تصفية حساباتهم مع الماضي ـ  ماضيهم هم الشخصي ـ والانتقام لأنفسهم مما  تصوروه ظلماً لحق بهم، مع أنه لاتوجد مظلمة مهما كانت تبرر الانتقام من وطن ومجتمع ؟ .

ولقد التقى اولئك ويلتقون مع أصحاب الأهداف المشبوهة والاجندات الخاصة من الذين ما كانوا لولا الثورة وسلطة الشعب وما قامت لهم قائمة ، والذين رفعوا لافتات الإصلاح ودبّجوا فيها المقالات بل وتطاولوا في كتاباتهم وفي ما أذنوا وسمحوا بنشره وتداوله على كثير من الثوابت والحرمات والمقدسات والذين لم يستطيعوا تبرير وجودهم وإثبات جدارتهم والاندماج في نسيج ومكونات المشهد الثقافي والاعلامي الجماهيري فأطلقوا على ما عداهم من وسائل اتصال ومؤسسات وماسبقهم دهراً وتفوّق عليهم عطاًء وفكراً وما كان بعضهم من قياداته ومسؤوليه ردحاً طويلاً من الزمان صفات ومسميات [  الرسمي والحكومي والعام والثوري ] وكأنَّها تُهم  ومعايب وصحائف ادعاء ليجسّدوا هم لا من يدعون عليه بذلك  اقصائيتهم وإلغائيتهم ولا ديمقراطيتهم  وليقسّموا المجتمع الواحد الى ثُنائيات مُتناقضة لابد أن تتصادم وتتصارع على حساب التقدّم والحياة وضد مصلحة الوطن والناس .

يحدث هذا وما كان ليحدث لولا وجود فراغ حقيقي في العمل الثقافي والاعلامي الجماهيري الذي يحتاج إلى تخطيط وإدارة قدر احتياجه الى تمويل وانفاق مما لايستقيم معه اطلاقا  تقتير الإدارة العامة للدولة في المخصصات والميزانيات والانفاق على الثقافة مكونات ومناشط وفاعليات ، وعلى الاعلام ، صحافة واذاعات،  مثلما لايستقيم ولا يمكن معه تبرير احداث هذا الفراغ الإداري العام في الثقافة والاعلام بإلغاء قطاع بكامله يعمل فيه وينتمي إليه ويتواصل معه ويستفيد منه  آلاف الليبيين معظمهم من المثقفين والخُبراء والمبدعين من جيل الثورة ، وهنا لا نستغرب والحال على ماهي عليه أن تظهر جمعيات أو مجموعات تمارس العمل الثقافي دون شرعية قانونية لها وأن تتلطَّى خلف أدبائنا وُشعرائنا الراحلين بزعم الاحتفال بهم وبذكراهم لتُقّدم إلى الناس المتلهفين الى الثقافة  العاشقين للأدب  والابداع سُمَّ الفتنة في دسم الفن .

 وهكذا .. من بين ركام الادارة الشعبية للثقافة وفي تربة التسامح والعفو والصمت واللاَّ حسم نبتت لنا وخرجت علينا جمعية بيت درنة الثقافي التي اغتصبت في ظل صمت  أمين المؤتمر الشعبي لشعبية درنة وآخرين نعرفهم اسماً ورسماً مقر بيت الثقافة بدرنة الذي صانته وجددته أمانة الثقافة  من مخصصات الميزانية العامة لتعلن عن إقامة ما أسمته  مهرجان الأسطى للفكر والفنون مستغلة اسم الشاعر الراحل الكبير ابراهيم الاسطى عمر الذي تم الاحتفاء بذكراه قبل عدّة أشهر باعتباره علماً من أعلام الابداع في ليبيا كلّها لا في درنة وحدها .

 ولقد قرأنا برنامج المهرجان وأنشطته الفنية والادبية فلم نجد فيه سوى ندوة واحدة » عن المجتمع المدني في ليبيا تجربة وأفق « وكأن كل الفعاليات وهذا الاستدراج للفنانين والمثقفين الصادقين الباحثين عن فضاء للالتقاء والتألق وهذا الاستغلال للمال العام.

لم يكن إلا غطاء للهدف الحقيقي ومسرحاً للعرض الوحيد في هذا المهرجان وأعني به عرض التباكي على المجتمع المدني بالمفهوم المستورد المرفوض والدعاية له والدعوة للتضامن معه ، وكان حرياً بمنظمي  المهرجان ،  لو كانوا موضوعيين محاورين وديمقراطيين، أن يدعو الاطياف  كافة للحوار حول عدد  من المسائل والمفاهيم والقضايا والتحديات التي في مقدمتها التطرف والمغالاة في تفسير الدِّين .

ودرنة الحبيبة الغالية تُعاني خطر الأفكارالمتطرفة الذي يُهدّد كامل الوطن والأمّة والإنسانية والخطر الوجودي الذي  يمثله الاحتلال الصهيوني لفلسطين واحتلال العراق وخطر تشويه الذِّات وفقدان الهوية أمام زحف الليبرالية والثقافات الاجنبية ، ولعل في الاستدلال ببعض ماورد في المطوية التي وزّعها منظمو المهرجان وماعرضوه على الانترنت الدليل الأكيد على مانقول ومنها نقتطف : » حلم (....)  وطموح طالما راود هذه  المؤسسة الأهلية التي دأبها  السعي لاطلاق سراح الثقافة من وصاية الرسمي« هكذا يقولون،  وفي السطرين الأخيرين  من كلمة المهرجان يقولون :» ..  ولا طاقة لهذا الطموح  سوى وعي المحيط بروح المبادرة والتطوع وبمفهوم المجتمع المدني حين يكون نبضا دائماً في حياتنا اليومية « .

 وبهذا تتكامل عناصر الفعل الخطأ مكونة خطوط جريمة تُرتكب في حق المجتمع والثقافة .. جمعية مشكوك في مشروعيتها حتى وإن نالت موافقة من الجهة الشعبية المختصّة بطريق المجاملة أو المناورة أو الخداع ، ومكان مغتصب من أملاك المجتمع وماله العام ، وبرنامج يستدعي مُبدعي الوطن ليطعن قيم ومبادىء الوطن ، سيقول القائمون على المهرجان حين يقرأون هذه الكتابة .. ولكن مؤسسة الثقافة  لم تعترف بالمهرجان ولم تدعمه، وسنقول للرأي العام ..إن المهرجان تمّ تهريبه والمناورة به والاختباء  به حتى صباح الخميس الماضي حين اتصل الأخ أمين لجنة إدارة الهيئة العامة للصحافة مُكلفاً من الأخ أمين لجنة ادارة المؤسسة العامة للثقافة بالمشرف على المهرجان الأخ الدكتور نجيب الحصادي للحوار معه حول امكانية  تصحيح مسار هذا المهرجان واعتباره نشاطاً ثقافياً فنياً شعبياً وتظاهرة ثقافية جماهيرية ليس أقل من  اتاحة الفرصة للمؤسسة العامة للثقافة للحديث فيه وتوسيع دائرة النقاش الفكري لطرح وجهة النظر الشعبية التي لاتقبل توصيفها بالرّسمي أو الحكومي،  لكنه رفض بإصرار قائلاً مامعناه :» نقبل دعمكم المالي ونرفض خطابكم وحضوركم الفكري والثقافي وإنّه لا فرصة حتى لمجرد تعديل مطوية المهرجان ،ويمكن لنا اذا ( دفعتم ) الإشارة إليكم كداعمين« .

 .. ألهذا الحد وصل الاستخفاف بالمجتمع ومؤسّساته المنبثقة منه لا من سلطة فردية ولا من تدخّل أجنبي ولا من وصاية خارجية .

لقد فتحنا صحفنا لكل الاخوة الخارجين عن نسق المجتمع وقيمه وخياراته فكتبوا ما شاءوا ولم يُسجن منهم أحد ولم يُعاقب، واصخنا لهم أسماعنا، فتحدثوا بما شاءوا إفكاً  كان أم حقاً ، أم بين ذلك، ونشرنا لهم مؤلفاتهم، ومنحهم  المجتمع شرف تمثيله والحديث باسمه في المحافل والمهرجانات الثقافية ، ولم توصد دولة الجماهير التي يطعنونها  كل يوم أبوابها في وجوههم فتباروا إلى الإساءة وتماروا في القول واستغلوا دعوات الإصلاح والشفافية والحقيقة التي هي قمة التجلّي والتمظهر لأخلاق الثورة وقائدها وللشجاعة والصدق مع النفس والحرص على تقويم المسار والمسيرة ليستمر البناء على ما تأسس وما تحقق وما أنجز .

 لن يسكت الجماهيريون والثوريون الصادقون والوطنيون الحقيقيون الذين لا أجندات ولا مشاريع خاصة لهم بعد الآن،  ولابد من فعلٍ متواصل وعمل دؤوب لترسيخ الوعي وتجذير الانتماء وخوض الصراع سلماً وفكراً وقلماً وابداعاً مع القوى المضادة التي تتجاهل ولا تجهل سيرورة التاريخ وإندفاعه إلى الأمام نحو  الحرية وسلطة الجموع ، لكنها لاتزال تدفع صخرة » سيزيف « إلى الأعلى فترتدُ عليها ، ولعلَّها تُدركُ عمَّا قريب أنها تخسر إذا راهنت على باطلٍ يندحرُ لا على حقٍ ينتصر .

 

×
لتصلك المعلومات

عند الاشتراك في المدونة ، سنرسل لك بريدًا إلكترونيًا عند وجود تحديثات جديدة على الموقع حتى لا تفوتك.

رد الاصلاحيين على اللاصلاحيين وعلى مانشر بصحفية ال...
اكتشاف معتقل صهيوني سري يعرف باسم معتقل 1391
 

تعليقات

مسجّل مسبقاً؟ تسجيل الدخول هنا
لا تعليق على هذه المشاركة بعد. كن أول من يعلق.

By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://almaze.co.uk/