بلوق الميز
موقع المغتربين العرب
الحمار المعتدي
الحمار المعتدي
دخل حمار مزرعة رجل وبدأ يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه وبذره وسقيه؟
دخل حمار مزرعة رجل وبدأ يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه وبذره وسقيه؟
فكَّر الرجل: كيف يُخرِج الحمار؟
سؤال محـيِّر!
أسرع الرجل إلى بيته، جاء بعدَّةِ الشُّغل فالقضية لا تحتمل التأخير. أحضر عصًا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوَّى وكتب على الكرتون:
يا حمار أُخرج من مزرعتي
ثبَّت الكرتون على العصا الطويلة بالمطرقة والمسمار وذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة. وقف رافعًا اللوحة عالياً منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس، ولكن الحمار لم يَخرج.
حار الرجل!!! "ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحة".
رجع إلى البيت ونام، وفي الصباح التالي صنع عددًا كبيرًا من اللوحات ونادى أولاده وجيرانه واسْـتَـنْفر أهل القرية، أي عَقَدَ مؤتمر قمة. صَفَّ الناسَ في طوابير يحملون لوحات كثيرة:
أخرج يا حمار من المزرعة
الموت للحمير
يا ويلك يا حمار من صاحب الدار
الخزي والعار على المعتدي الحمار
وتحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار وبدءوا يهتفون: أُخرج يا حمار. أخرج أحسن لك.
والحمار حمارٌ يأكل ولا يهتم بما يحدث حوله.
غربت شمس اليوم الثاني وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبُحَّت أصواتهم، فلما رأوا الحمار غير مبالٍ بهم رجعوا إلى بيوتهم يفكرون في طريقة أخرى. في صباح اليوم الثالث جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر، خطة جديدة لإخراج الحمار؛ فالزرع أوشك على النهاية. خرج الرجل باختراعه الجديد... نموذج مجسَّم لحمار يشبه إلى حدٍّ كبير الحمار الأصلي...
ولما جاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة وأمام نَظَر الحمار وحُشُود القرية المنادِيَة بخروج الحمار كانت المفاجأة الـمُرَوِّعة... لقد سكب المُزارع البنـزين على النموذج وأحرقه!!!
فكَبَّر الحشد وهلل.
نظر الحمار إلى حيث النار ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مُبالاة!!! يا له من حمار عنيد لا يفهم.
أرسلوا وفدًا ليتفاوض مع الحمار يوماً بعد الآخر، يقولون له: صاحب المزرعة يريدك أن تخرج لأنه صاحب الحق وعليك أن تخرج. فينظر الحمار إليهم ثم يعود للأكل ولا يَكْتَرِث بهم.
بعد عدة محاولات أرسل الرجل وسيطاً آخر قال للحمار: صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحتها. الحمار يأكل ولا يرد.
ثلثها؟
الحمار لا يَرُد.
نصفها؟
الحمار لا يرد.
طيب... حدِّد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزها في المستقبل.
رفع الحمار رأسه وقد شبع من الأكل ومشى قليلاً إلى طرف الحقل وهو ينظر إلى الجمع ويفكر. فرح الناس... لقد وافق الحمار أخيراً... الحمد لله.
أقيمت الاحتفالات لذلك العبور العظيم والنصر المبارك.
أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيَّج المزرعة وقسمها نصفين، وترك للحمار النصف الذي هو واقف فيه.
في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة لصاحب المزرعة!!!
لقد ترك الحمار نصيبه ودخل في نصيب صاحب المزرعة وأخذ يأكل.
رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات والمظاهرات...
يبدو أنه لا فائدة، فهذا الحمار لا يفهم. إنه ليس من حمير المنطقة لقد جاء من قرية أخرى.
بدأ الناس في إقناع الرجل بترك المزرعة بكاملها للحمار والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى، وأبدوا جميعا تعاطفا شديداً معه ومع معاناته وخسارته حتى أن بعضهم عرض عليه جزءًا من مزرعته كَحَلٍّ مُؤقَّت، وبعضهم أبدى استعداده للمساعدة في نقل الأمتعة، والبعض الآخر وعد بتحمل جزء كبير من التكاليف المادية.
"هيا يا رجل"
"كن عملياًّ وتعامل مع الواقع"
"هذا الحمار قد اعتاد على هذا المكان ولن نستطيع إخراجه"
"لاتضيِّع وقتك في أوهام"...
وأمام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضر ليشارك في إيجاد حلٍّ لإخراج الحمار المحتال العنيد المتكبر المتسلط المؤذي، أو إيجاد مكان آخر للمزارع المظلوم، جاء غلام صغير خرج من بين الصفوف ودخل إلى الحقل...
ماذا يفعل هذا المُتَهَوِّر؟
تقدَّم إلى الحمار...
هل هو مجنون؟
ضرب الحمارَ بعصًا صغيرة على قَفَاه فإذا به يركض خارج الحقل!!!
"يا الله" صاح الجميع فاتحين أفواههم...
"لقد فَضَحَنا هذا الصغير وسيجعل مِنَّا أضحوكة القرى التي حولنا."
فما كان منهم إلا أن قـَتلوا الغلام وأعادوا الحمار إلى المزرعة. ثم أذاعوا أن الطفل المجنون المتهور قد مات شهيدًا... قتله الحمار المعتدي...
بقلم الاخ ابو انس
أسرع الرجل إلى بيته، جاء بعدَّةِ الشُّغل فالقضية لا تحتمل التأخير. أحضر عصًا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوَّى وكتب على الكرتون:
يا حمار أُخرج من مزرعتي
ثبَّت الكرتون على العصا الطويلة بالمطرقة والمسمار وذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة. وقف رافعًا اللوحة عالياً منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس، ولكن الحمار لم يَخرج.
حار الرجل!!! "ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحة".
رجع إلى البيت ونام، وفي الصباح التالي صنع عددًا كبيرًا من اللوحات ونادى أولاده وجيرانه واسْـتَـنْفر أهل القرية، أي عَقَدَ مؤتمر قمة. صَفَّ الناسَ في طوابير يحملون لوحات كثيرة:
أخرج يا حمار من المزرعة
الموت للحمير
يا ويلك يا حمار من صاحب الدار
الخزي والعار على المعتدي الحمار
وتحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار وبدءوا يهتفون: أُخرج يا حمار. أخرج أحسن لك.
والحمار حمارٌ يأكل ولا يهتم بما يحدث حوله.
غربت شمس اليوم الثاني وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبُحَّت أصواتهم، فلما رأوا الحمار غير مبالٍ بهم رجعوا إلى بيوتهم يفكرون في طريقة أخرى. في صباح اليوم الثالث جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر، خطة جديدة لإخراج الحمار؛ فالزرع أوشك على النهاية. خرج الرجل باختراعه الجديد... نموذج مجسَّم لحمار يشبه إلى حدٍّ كبير الحمار الأصلي...
ولما جاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة وأمام نَظَر الحمار وحُشُود القرية المنادِيَة بخروج الحمار كانت المفاجأة الـمُرَوِّعة... لقد سكب المُزارع البنـزين على النموذج وأحرقه!!!
فكَبَّر الحشد وهلل.
نظر الحمار إلى حيث النار ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مُبالاة!!! يا له من حمار عنيد لا يفهم.
أرسلوا وفدًا ليتفاوض مع الحمار يوماً بعد الآخر، يقولون له: صاحب المزرعة يريدك أن تخرج لأنه صاحب الحق وعليك أن تخرج. فينظر الحمار إليهم ثم يعود للأكل ولا يَكْتَرِث بهم.
بعد عدة محاولات أرسل الرجل وسيطاً آخر قال للحمار: صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحتها. الحمار يأكل ولا يرد.
ثلثها؟
الحمار لا يَرُد.
نصفها؟
الحمار لا يرد.
طيب... حدِّد المساحة التي تريدها ولكن لا تتجاوزها في المستقبل.
رفع الحمار رأسه وقد شبع من الأكل ومشى قليلاً إلى طرف الحقل وهو ينظر إلى الجمع ويفكر. فرح الناس... لقد وافق الحمار أخيراً... الحمد لله.
أقيمت الاحتفالات لذلك العبور العظيم والنصر المبارك.
أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيَّج المزرعة وقسمها نصفين، وترك للحمار النصف الذي هو واقف فيه.
في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة لصاحب المزرعة!!!
لقد ترك الحمار نصيبه ودخل في نصيب صاحب المزرعة وأخذ يأكل.
رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات والمظاهرات...
يبدو أنه لا فائدة، فهذا الحمار لا يفهم. إنه ليس من حمير المنطقة لقد جاء من قرية أخرى.
بدأ الناس في إقناع الرجل بترك المزرعة بكاملها للحمار والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى، وأبدوا جميعا تعاطفا شديداً معه ومع معاناته وخسارته حتى أن بعضهم عرض عليه جزءًا من مزرعته كَحَلٍّ مُؤقَّت، وبعضهم أبدى استعداده للمساعدة في نقل الأمتعة، والبعض الآخر وعد بتحمل جزء كبير من التكاليف المادية.
"هيا يا رجل"
"كن عملياًّ وتعامل مع الواقع"
"هذا الحمار قد اعتاد على هذا المكان ولن نستطيع إخراجه"
"لاتضيِّع وقتك في أوهام"...
وأمام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضر ليشارك في إيجاد حلٍّ لإخراج الحمار المحتال العنيد المتكبر المتسلط المؤذي، أو إيجاد مكان آخر للمزارع المظلوم، جاء غلام صغير خرج من بين الصفوف ودخل إلى الحقل...
ماذا يفعل هذا المُتَهَوِّر؟
تقدَّم إلى الحمار...
هل هو مجنون؟
ضرب الحمارَ بعصًا صغيرة على قَفَاه فإذا به يركض خارج الحقل!!!
"يا الله" صاح الجميع فاتحين أفواههم...
"لقد فَضَحَنا هذا الصغير وسيجعل مِنَّا أضحوكة القرى التي حولنا."
فما كان منهم إلا أن قـَتلوا الغلام وأعادوا الحمار إلى المزرعة. ثم أذاعوا أن الطفل المجنون المتهور قد مات شهيدًا... قتله الحمار المعتدي...
بقلم الاخ ابو انس
لتصلك المعلومات
عند الاشتراك في المدونة ، سنرسل لك بريدًا إلكترونيًا عند وجود تحديثات جديدة على الموقع حتى لا تفوتك.
By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://almaze.co.uk/
تعليقات