حرز مقاتلو المعارضة الليبية على جبهة شرقي طرابلس أمس تقدماً من الدفينة إلى مشارف مدينة زليطن التي تبعد نحو 20 كيلومتراً غرب مصراتة، لكن هجوماً مضاداً شرساً شنته القوات الموالية للعقيد معمر القذافي أوقف مكاسبهم بعد استيلائهم على بلدة سوق الثلاثاء بالمنطقة في وقت متأخر الأربعاء. كما استمرت محاولات الثوار لتعزيز تقدمهم في ميناء البريقة النفطي على الجبهة الشرقية، وأكد متحدثون باسم المعارضة أنه لم يبق إلا بعض المقاتلين من الكتائب الحكومية عالقين في منشآت استراتيجية، في وقت يبطئ فيه توغلهم داخل المدينة الاستراتيجية، وجود مئات الألغام المزروعة حول الموقع البتروكيمياوي والخنادق المليئة بسوائل ملتهبة.
وذكر قائد ميداني من المعارضة اسمه أيمن وهو يراقب خط الجبهة، إن قوات المعارضة تقدمت من الدفنية بضواحي مصراتة إلى زليطن، حيث يعكف الثوار على حفر الخنادق وإقامة التحصينات في مواقعهم الجديدة.
وذكر متحدث باسم المعارضة في زليطن على الطريق الساحلي الذي يبعد 160 كيلومتراً شرقي العاصمة، أن قوات موالية للقذافي تعززها دبابات، حاصرت مقاتلي المعارضة الذين استولوا على بلدة سوق الثلاثاء المجاورة لزليطن أمس الأول. وأكد أن الجنود قصفوا المنازل بقذائف الدبابات مما أدى إلى تسويتها بالأرض.
وأضاف “الكتائب لا تزال ترهب العائلات وتمشط القرى والأحياء وتشيع الفزع في المنطقة كلها”. وقال مسعفون في مستشفى الحكمة في المدينة إن 7 من مقاتلي المعارضة قتلوا وأصيب 35 آخرون. وعرض التلفزيون الليبي الرسمي ما قال إنها صور جديدة من زليطن والبريقة في محاولة على ما يبدو لإظهار أن المدينتين ما زالتا تحت سيطرة طرابلس. وفي زليتان ظهر العشرات من أنصار القذافي وهم يرددون شعارات التأييد له.
وأطلق الثوار في الساعة العاشرة صباحاً أمس (الثامنة تغ)، قذائف على بئر عياد في وادي جبال الأمازيغ جنوب غرب طرابلس، على قوات القذافي التي تدافع عن قرية بئر الغنم. وردت القوات النظامية بالصواريخ وقذائف مدفع من عيار 06، فرد الثوار بالقذائف لكن دون استعمال المدافع موضحين أن كتائب القذافي مختبئة بين المنازل ولا يريدون إصابة مدنيين. وفي تبادل إطلاق نار كهذا مساء أمس الأول، أكد الثوار أنهم أصابوا مستودع ذخيرة لقوات القذافي.
لكن هدف المتمردين يظل منذ عدة أيام استهداف الأصابعة المحور الاستراتيجي على بعد 80 كلم جنوب طرابلس الذي قد يفتح لهم الطريق أمام الحامية العسكرية الحكومية مدينة الغريان التي تتمركز فيها قوات كبيرة في آخر موقع استراتيجي قبل الوصول إلى طرابلس. لكن حلف شمال الأطلسي الذي ما زال يريد تدمير عدة أهداف في المنطقة، لم يعط بعد أوامره كما قال مقاتل لفرانس برس في بئر عياد، جنوب طرابلس. ويقول المتمردون إنهم ينتظرون أن يتمكن المدنيون من مغادرة البلدات المستهدفة للاحتماء.
من جانبه، أكد حلف الناتو أنه قام بـ 122 طلعة جوية فوق ليبيا أمس الأول بينها 53 غارة لاستكشاف وقصف أهداف تابعة لقوات القذافي.
وذكر أنه دمر أمس الأول، 13 هدفاً عسكرياً في زليطن لاسيما مواقع قيادة ومستودعات، وآليتين مدرعتين قرب البريقة ومنصتين لإطلاق الصواريخ قرب مصراتة، ومنظومتي إطلاق صواريخ أرض- جو وراداراً قرب طرابلس، إضافة إلى مستودع عسكري ناحية ودان.
وكان الثوار تكبدوا الثلاثاء الماضي خسائر بشرية حول مدينة البريقة الساحلية النفطية جنوبي معقلهم في بنغازي وقالوا إنهم يحاولون استعادة المدينة بالكامل من قوات القذافي. وذكر طبيب في أجدابيا التي ينطلق منها الثوار باتجاه البريقة، أن المعارضة فقدت 18 مقاتلاً بالإضافة إلى نحو 150 مصاباً في أحدث الاشتباكات حول المدينة الساحلية شرق البلاد التي يتحتم على المعارضة السيطرة عليها حتى يمكنها التقدم نحو العاصمة طرابلس. وقال الطبيب سراحات عطا الله من مستشفى أجدابيا الذي يسيطر عليه المعارضون شرق ليبيا أمس الأول “كان يوم أمس (الثلاثاء) كارثة.” ويقول المعارضون الذين لازالو يحاصرون البريقة إنهم يتعرضون للقصف من قوات القذافي.
وأفادت مصادر مطلعة أن نظام القذافي يعاني نقصاً في الوقود والطعام وهو ما قد يثير اضطرابات شعبية قبل شهر رمضان الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
وذكرت وكالة الجماهيرية الليبية للأنباء أن مسؤولين اجتمعوا أمس، للتأكيد على توفير السلع الغذائية للمستهلكين بأسرع ما يمكن قبل بدء شهر رمضان. ونقلت الوكالة عن مدير ميناء طرابلس قوله إن سفن شحن تحمل الشعير والقمح والموز وإمدادات طبية أخرى ترسو يومياً في الميناء. إلى ذلك، قال دبلوماسي بالأمم المتحدة إن مبعوث الأمين العام للمنظمة الدولية عبد الإله الخطيب ربما يتوجه إلى ليبيا الأسبوع المقبل للشعور بوجود “تقبل أكبر” في طرابلس للتفاعل مع مقترحاته التي تهدف لفتح الطريق لانتقال سلمي للسلطة. ولم يذكر الدبلوماسي أي تفاصيل لكنه قال إن الضغوط العسكرية والدبلوماسية تتزايد على القذافي.
جريدة الاتحاد