بلوق الميز

موقع المغتربين العرب

الثورة الليبية والطابور الخامس في الإعلام

كل مراقب أو مهتم بالشأن الليبي يستطيع أن يلاحظ الكم الكبير من  المحاولات المستمرة لتشويه الثورة الليبية وشق صفوف الثوار, إذ يتوالى نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة من بعض المصادر الصحفية , وخصوصا تلك التي تذكر الأخبار بدون ذكر لمصادرها وهدف هذه الأخبار واضح , و هو إثارة البلبلة في أوساط الثوار ومن يؤيد الثورة الليبية.

فبعد الوثيقة الشاكيرية العبرية (نسبة إلى يوسف شاكير) المثيرة للضحك والاشمئزاز في سوء إعدادها وإخراجها والتي تشير إلى اتفاق المجلس الانتقالي مع إسرائيل و إنه أعطاها عقدا لمدة خمسين عاما تنشي فيها إسرائيل قاعدة في الجبل الأخضر مقابل الاعتراف به ومساعدته لوجستيا  وهي محاولة فاشلة بكل المقاييس لإلصاق تهمة التعامل مع إسرائيل بالثوار.

تلتها محاولة إلصاق تهمة قيام الثوار بأعمال جرائم حرب وتزييف بعض الفيديوهات عن جرائم زعموا فيها إن الثوار يقومون بجرائم حرب وتم تناقلها في مواقع التواصل الاجتماعي ,إذ قامت الكثير من الصحف ووكالات الأنباء بتحريف تقرير حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الذي برأ الثوار  وحذف الكثير من الكلمات والمقاطع , إذ قال التقرير ألأممي  بالحرف الواحد :-

” إن هناك بعض الأعمال التي قام بها ” بعض ” الثوار والتي ” قد ” تعّد جرائم حرب , ولكنها أعمال فردية وليست ممنهجة ويغلب عليها طابع الثأر الشخصي بعكس الجرائم التي قامت بها كتائب القذافي , إذ أن جرائمهم كانت ممنهجة وبناء على أوامر من القيادات العليا “.

وفي نفس التقرير برأت اللجنة  قيادات الثوار والمجلس الانتقالي من أي جريمة حرب أو جرائم ضد الإنسانية ” وخرجت لنا الصحف ونشرات الأخبار تتهم الثوار و القذافي “سويا” بجرائم حرب وتجعل من الاثنان مجرميّ حرب.

ثم هناك المحاولات الحثيثة لإثبات قيام الثوار بعمل اتصالات مع نظام القذافي والتي لم تثبت أبدا . بل أن معظم هذه الأخبار  لا تتجاوز تحريف أو اجتزاء لما يصرح به أعضاء المجلس الانتقالي , من أنهم لا مانع لهم للتفاوض مع أطراف ليبية تنتمي لنظام القذافي بشرط أن لا تكون أيديها ملطخة بدماء الليبيين . أو أن أطراف أخرى وليست مباشرة من النظام عرضت عليهم بعض العروض , ويكرر المجلس الانتقالي دائما وأبد إن  التفاوض مع أي أطراف أخرى لا قيمة له , إن لم يكن مبدأه أن يخرج القذافي من السلطة.

هناك الكثير من الشائعات التي تتسابق وكالات الإنباء لنقلها ثم تعود لنفيها أو لنقل أن المجلس الانتقالي يضطر لنفيها . ومنها نقل الآراء الشخصية لبعض أعضاء المجلس كقرارات للمجلس نفسه . كما حدث مع تصريح السيد عبدالحفيظ غوقة بأنه “يعتقد” إن الانتخابات في ليبيا قد تحتاج لفترة تحضيرية قد تمتد لسنتين . وكان واضحا لمن سمع التصريح انه رأي شخصي للسيد عبدالحفيظ غوقة وليس قرارا من المجلس . وتناقلت الصحف والوكالات هذه التصريحات وركزت عليها  وأظهرتها كأنها رأي كامل المجلس الانتقالي وليس غوقة لوحده, مما دعا السيد عبد الجليل إلى إصدار بيان يحدد فيه أن المدة الانتقالية لا تزيد عن سنة.

كما تناقلت وكالات الإنباء مؤخرا خبرا عن مصدر مجهول مفاده  أن الجيش السوداني احتل مدينة بترولية ليبية . وقد اتصلت  بأحد الأخوة ممن له أقارب في  المدينة المذكورة فقالوا لنا إن الخبر عاري عن الصحة , وبعدها صرح الناطق الرسمي باسم الجيش السوداني يكذب هذه الأخبار . وأن الجيش السوداني مهمته فقط حماية الحدود السودانية ولم ولن يدخل إلى الأراضي الليبية . ولم تتناقل وكالات الأنباء والصحف هذا التكذيب كما تناقلت خبرها الأول.

ثم خرجت علينا وكالات الإنباء بالأمس بخبر طلب الولايات المتحدة  وبعضها حدد أن الطلب جاء من أوباما نفسه , من (الثوار) وليس من “المجلس الانتقالي ” أن يسلموا عبدالباسط المقرحي لهم ليحاكم في الولايات المتحدة عن قضية لوكربي . وهذا الخبر يستحيل أن يكون صحيحا , فلقد حوكم السيد عبدالباسط المقرحي عن هذه القضية . وقانونا  لا يجوز محاكمة الشخص مرتين عن نفس الجريمة . وقد سبق أن اتفقت الدول المتأثرة بجريمة لوكربي على ان تكون محاكمته في اسكتلندا في اتفاقية دولية ملزمة و معروفة للجميع .  هذا بالإضافة لمرض السيد المقرحي الذي يمنع حتى التحقيق معه . وحتى اصغر محامي مبتدئ يعلم أن مثل هذا الطلب لا يمكن أن يتحقق حيث انه لا يوجد قانون على الأرض يسمح بالتحقيق مع المريض ولا بتكرار المحاكمة عن نفس الجريمة.

ومؤخرا , خرجت علينا الصحافة في العالم تقول على لسان أعضاء في المجلس الانتقالي مثل السيد مصطفى عبد الجليل والسيد شمام  أنهم يوافقون على بقاء القذافي في ليبيا أو كما ذكرت بعض الصحف ( تقاعده ) . وخرج علينا السيد مصطفى عبد الجليل على أكثر من قناة تلفزيونية ينفي هذا العرض . وان لا صحة لوجود هذا العرض وخصوصا بعد صدور مذكرة الجلب والإحضار التي صدرت بحق معمر القذافي . كما صرح السيد مصطفى لقناة الجزيرة . إن هذا العرض قد صدر قبل أن يصدر القضاة في محكمة الجنايات الدولية هذه المذكرة . وكان الهدف منه حفظ دماء الليبيين . وكرر السيد محمود شمام نفس النفي وهو (أي العرض) لم يعد قائما بل عفى عليه الزمن وتجاوزته الأحداث.

يجب أن يحذر الليبيون وإخوانهم من العرب والمسلمون اللذين يهتمون بالثورة الليبية مما تتناقله وكالات الإنباء وخصوصا  وكالة “رويترز” المعروف عنها إنها كحاطب ليل تأتي بالغث و السمين . أو الأخبار الصحفية التي تنقل عن “مصدر مطلع” أو “ذكرت المصادر” بدون ذكر لهذا المصدر . وأن يكون لدى متلقي الأخبار ما نسميه بالحس العام أو “Common Sense”.

ولنتذكر دائما انه كما أن هناك طابورا خامسا داخل الجيوش والمجتمعات . فأن هناك طابورا خامسا في الإعلام والصحافة.

وتأثير الطابور الخامس في الأعلام قد يكون له تأثير اكبر من الطابور الخامس في المجتمع.

ويجب أن نعلم يقينا أن القذافي خلال 42 عاما من السلطة المطلقة والتصرف بالمال الليبي استطاع بناء العديد من الشبكات التي تساهم في إسناد حكمة . ومن هذه الشبكات هي شبكات العلاقات العامة  بما فيها من صحف وصحفيين ومراسلين دفع ويدفع لهم من قوت الشعوب الليبي . كانت مهمتهم قبل الثورة أن يبيّضوا صورته . والآن أصبح للكثير منهم هدف آخر . وهو تشويه الثورة والثوار وشق صفوفهم.

بقلم صالح بن عبدالله السليمان

×
لتصلك المعلومات

عند الاشتراك في المدونة ، سنرسل لك بريدًا إلكترونيًا عند وجود تحديثات جديدة على الموقع حتى لا تفوتك.

نصائح السيد عبد الجليل في محلها لمن يفهم!؟
الخلط بين اللامركزية ودعوى الفيدرالية.. سويسرا أو ...
 

تعليقات

مسجّل مسبقاً؟ تسجيل الدخول هنا
لا تعليق على هذه المشاركة بعد. كن أول من يعلق.

By accepting you will be accessing a service provided by a third-party external to https://almaze.co.uk/