وهذا الفيديو وقع بيد الثوار بعد هرب الضابط الى تونس في العملية الموفقة التي قام بها جيش التحرير الشعبي لأستعادة منفذ وازن الحدودي . الشاهد في الموضوع . لاحظته يقول بما معناه اصلوهم وأسقطوا الصاوريخ على رؤوسهم . والقاتل والمقتول والضارب والمضروب هما ليبيون !!!!! .
فريقان احدهما يقاتل من اجل حريته وكرامته ويرغب ان يكون له صوت مسموع . والثاني يقاتل من اجل شخص , من اجل قائد آمن به , وآمن ان من حق هذا القائد ان يبقى الرمز ويبقى هو المسيطر وعائلته على كل مفاصل البلد وثرواتها , حتى بعد مرور 42 سنه من الفشل ومن اختزال الأمة تحت عباءته . وهذا يؤكد ما ذهبت اليه في مقدمة المقال . أنهم امنوا بأيدلوجية فارغة وآمنوا بشعارات رنانة لم يحللوها ويعقلوها وويتبينوا , هل هذه الأيدلوجيات سليمة؟
وهل الشعارات المرفوعة حقيقية ام وهم وأن هذه الأيدلوجية ما هي الا صنم وما القائد الا تجسيد لهذا الصنم ؟
لنعد الى التحقق من مضاهر الوقوع في الفخ المرعب لكل المجتمعات . فخ الأيدلوجيات الشعارات
4. معمر هو قائد ثورة الفاتح
و القائلون بهذا القول لا يحددون او يعرّفون المعنى الحقيقي للقائد . ويذكرني قولهم بما يعرفه اي راعي للغنم فان الأغنام تتبع قائدها (ويسمونه عندنا "المرياع" وهو الجدي الكبير ) فأنه لو سقط من جرف لتبعه القطيع بكامله او أكثرة ولسقطوا خلفه بدون ادنى خوف او تردد او وجل ويسمي علماء الأجتماع هذا النوع من التصرف "بنظرية القطيع" . ولكن القيادة الحقيقية هي القيادة التي تحقق اهذاف المجتمع والأمة . والقائد الحقيقي هو القائد الذي يسعى بكل جهد في سبيل تطوير وترقية مجتمعة ومن يقود ومن يسعى بدون كلل في سبيل رفعة ورفاه المجموعة التي يقودها . وهذا لا ينطبق على القذافي . فبعد الفشل في تطوير البلاد أجتماعيا واقتصاديا وعلميا مقارنة بأي بلد يملك نصف المقدرات اللتي تملكها ليبيا . لا وبل ودخل في مغامرات لا فائدة منها وكانت وبالا على المجتمع الليبي.
هذه القيادة الفاشلة لم تحتمل ابسط مقومات المجتمعات في ضرورة وجود الفوارق في الرؤى والمفاهيم وتقبل الرأي الآخر . فقتلت وشردت كل من خالف رأيه . بينما نجد ان أختلاف الرؤى وجد في عصر النبوة . فكان الصحابة يسألون الرسول المصطفي صلى الله عليه وسلم عن بعض الأمور التي اقرها .. أهذا رأيك أم هو وحي من الله ؟ فاذا كان وحيا استجابوا . وان كان رأي للرسول صلى الله عليه وسلم فأنهم يطرحون رأيهم المخالف لرأيه الكريم وكان يوافق صلى الله عليه وسلم وينزل الى رأيهم . حدث هذا في مواضع كثيرة وأشهرها اختيار موضع معركة بدر الكبرى. فالقائد الفاشل هو الذي يتصور ان رأيه هو الحق وأن ما يقول هو الحقيقة وأن من يخالفه فهو خائن .
القائد الحقيقي هو اللذي تنمو النخب في عهدة وتزدهر فتجد السياسيون والعلماء والأدباء والنبوغ في جميع مشارب الحياة . تجد ان سماء المجتمع امتلأت نجوما وشموسا مزهرة . وليس الذي تجف ينابيع النبوغ في عهدة ويشرد كل من نبغ . خوفا على سلطانه من الزوال . ففي عصر النبوة نجد نوابغ كثير . ابو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وخالد وغيرهم الكثير الكثير. كان صلى الله عليه وسلم هو القائد والراعي لنبع النبوغ في الفكر والأجتهاد
القائد الحقيقي هو الذي يوازن بين مصلحته الشخصية ومصلحة الأمة . فها هو القذافي يجر الأمة الى مهالك لا يعلم مداها إلا الله , ويجر عليها مأسئ يشيب لها الولدان , من قتل وتشريد وأغتصاب . يهدد اهله ومن أقاموا معه 42 عاما يتحملون اخطائه وظلمه بالقتل . ويهدد بلده بالتقسيم . ويدمر كل ما بناه المجتمع من مصانع ومستشفيات ومساجد ومدارس ومدن وشوارع لا لغرض الا لكي يبقى على رأس البلد . ما ضره لو تنازل . فالقائد الحقيقي كما أسلفنا من يضع مصلحة اهلة ومجتمعه وبلده في المقدمة ويجعلها سابقة على مصالحه الشخصية . وهل هذه الحرب اللتي نراها اليوم الا من اجل مصلحة شخصية . فاللذين خرجوا عليه . خرجوا عليه هو ولم يخرجوا على بني جلدتهم ولا على مجتمعاتهم ولا على وطنهم
القائد الحقيقي لا يحرض فريق من المجتمع على فريق اخر ويدعوهم للأقتتال ولا يقول (شدوا هالجرذان) ابدا هذه ليست اخلاق قائد .
خلاصة القول ان القائد الحقيقي هو من يجمع ولا يفرق , يبني ولا يهدم.
يقيس الامور بمنظور عام وليس بمنظور خاص
5. شعار أن معمر القذافي هو من طبق الديموقراطية الحقيقية من خلال الشعبيات.
وهذا القول مردود عليه بالواقع اللذي عاشه كل الليبيون . ولو كانت الشعبيات حقيقة واقعية وان المجال مفتوح لكل رأي مهما خالف رأي الآخرين لما كنا نجد المعتقلين السياسين وسجناء الرأي ولا الأعدامات لكل من خالف معتقدات وأراء الحاكم ولما وجدنا الألأف من نوابغ ومتعلمي ليبيا منفيون في بقاع الأرض . فالديموقراطية الحقيقية تعني فيما تعنيه قبول الرأي الأخر والتعايش معه لا قمعه وقتله . وكفي بمجزرة سجن ابو سليم والمشانق اللتي علقت في رمضان لشباب بنغازي دليل على ان هذ الشعبيات اللتي يتغنى بها ما هي الا مصطلح فارغ من المعنى .
هل من الديموقراطية ان تحمل المجتمع على اتباع نظرية واحدة (النظرية العالمية الثالثة) ؟ وان كل من خالفها هو حلال الدم ؟
ها هي البلدان الراقية تجد فيها من ينادي بالأشتراكية ومن ينادي بالرأسمالية ومن ينادي بالليبرالية ومن ينادي بالمحافظة على اسس معينة ومن يناقضها . يوجد في بريطانيا من هو ملكي اكثر من الملكة ومن ينادي بالجمهورية وإلعاء الملكية. نجد فيها العمال الأشتراكيون والمحافظون الرأسماليون . لم يتقاتلوا بالسلاح . بل تجادلوا على المنابر وكل يعرض بضاعته وينافح عنها ولم يوصم أي منهم بالخائن ولم يطارد اي منهم الآخر محاولا قتله والتخلص منه وهكذا استفاد المجتمع وارتفع ورقى .
المجتمعات تنموا بالفوارق التي تتميز بها , كالحديقة تجد فيها انواع متعددة من الشجر والزهر . وليس كالصحراء القاحلة التي لا تجد فيها الا الجفاف والقحط .
وهكذا بينا ان ما يؤمن به اتباع القذافي ما هي الا شعارات براقة لا تقف امام اي بحث مهما كان بسيطا . فأي نظرة لها بواقيع وحيادية يجد انها فارغة من المحتوى . ولكنها هي وقود للحرب الدائرة واللتي تجعل الليببي يقتل الليبي ويشرده ويستحل دمه وماله وفي بعض الأحيان حتى عرضة
بالله عليكم افيقوا . بالله عليكم افيقوا , فمن تقتلون هم اخوانكم وما تهدمون هي بيوتكم وما تنتهكون في أعراضكم .
اللهم اجعلنا جميعا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه
صالح بن عبدالله السليمان
مفكر وكاتب مسلم عربي سعودي