القاهرة - عبد الستار حتيتة : بعد 7 سنوات من الذهاب والإياب عبر الحدود، حاملا في الذهاب نقودا وفي الإياب أقمشة.. قرر حمار يملكه مصري في مدينة السلوم (على الحدود مع ليبيا)، التقاعد عن العمل والتوقف عن عبور الوديان والمنحدرات الحدودية، وما فيها من مفاجآت غير سارة. الحمار مل المهمة فجأة، واختار بدلا منها التريض بحرية في الوهاد الجنوبية من مدينة إمساعد الليبية. ولكن، بعد نحو شهر من البحث عنه انتهى بالعثور عليه، لم يجد صاحب الحمار المبلغ الذي كان وضعه في كيس من الخيش وربطه على ظهر الحمار حين أرسله في آخر مهمة له لمصلحة تاجر كان ينتظره عبر الحدود. ويبدو أن الحمار تمرد ولجأ إلى الصحراء رافضا الرجوع مع صاحبه.
جمعة (55 سنة)، صاحب الحمار، قدر المبلغ المفقود بخمسة آلاف جنيه (نحو 900 دولار)، وهو يمثل رأسمال كبيرا له. وبالتالي، فخسارته، وخسارة الحمار أيضا، تعنيان أنه سيدخل في مشكلات مع زبائنه الفقراء لسنوات. وأضاف عقب عودته إلى السلوم، قبل يومين، إنه لا يشك بذمة التاجر الذي يستقبل الحمار خلف الحدود، لأنه ابن عم له ويعيش في الجانب الليبي منها. ويعتقد جمعة أن لصوصا اعترضوا طريق الحمار واستولوا على النقود، خاصة بعدما أصبحت المدينة التي تقع على بعد 720 كلم شمال غربي القاهرة، تعج بالغرباء الباحثين عن فرص عمل. وعما إذا كان شعر برغبة حماره في فراقه، قال جمعة في اتصال هاتفي معه : «أنا لاحظت أن نهيق الحمار لم يكن كما كان من قبل، كما أنه لم يأكل كل عليقه في تلك الليلة، ولذا حسبت أنه ربما يكون مريضا. وقلت بيني وبين نفسي يجب أن أؤجل إرساله بالنقود إلى الحدود، لكن الزبائن كانوا يريدون الأقمشة التي وعدتهم بها، ووجدت أنه لا بد أن أبعثه، ويا ليتني ما بعثته».
مما يذكر أن بعض أهالي السلوم يعتمدون في كسب رزقهم على تهريب الأقمشة والأدوات الكهربائية البسيطة على ظهور الحمير، وهي ظاهرة بدأت في فترة قطع العلاقات بين مصر وليبيا في سبعينات القرن الماضي، وأخذت بالتراجع والانقراض التدريجي بعد خفض رسوم الجمارك، وتنامي التجارة الرسمية المنتظمة على جانبي حدود البلدين.
منقول