لا تزال قناة 'الليبية' تحتل مكانة متميزة، في ترتيب القنوات الفضائية بتلفزيون منزلي، فهي بعد 'الجزيرة'، وقبل ' العربية'، والـ 'بي بي سي'، و' الحرة'.. رحم الله موتاكم، ذلك بأن 'الحرة' تسير على طريق 'النعجة دولي'، وهي تلك 'النعجة' المستنسخة، التي أصابتها الشيخوخة مبكرا، وبعد عام من الاحتفال بمولدها المبارك، حيث طالعت صورة لها، وقد وهن العظم منها، وظهرت لها لحية بيضاء!.
زمان وأيام مجد الدراما المصرية، عرض التلفزيون المصري مسلسلا رائعا، اسمه ' عيون' ان لم تخني الذاكرة قام بدور البطولة فيه الراحل فؤاد المهندس، المحامي الكبير الوقور، الذي كان يمشي وهو نائم، وارتكب جريمة قتل وهو في هذه الحالة، وعلمت من يومها ان هناك مرضاً نفسياً أعراضه ان يمشي الإنسان وهو نائم، وكلما ذهبت إلى 'الحرة' هذه الأيام اشعر ان القوم فيها يقدمون برامجهم وهم نيام، وليس أدل على ذلك، مما اشرنا إليه في الأسبوع الماضي من ان مذيعة استضافت الأختين: فريدة النقاش، وأمينة النقاش معا، وكأنه برنامج عائلي!
عندما اذهب إلى 'الحرة'، فان هذا يكون بدافع الفضول الصحافي، ولكي أقف على حال القوم فيها، وهل لا يزالون نائمين، أم أنهم استيقظوا، وعندما أتأكد أنهم ينامون 'نوم العوافي' أتركهم، فأرض الله واسعة، وحتى لا يقلقهم وجودي فيستيقظون.. النعاس رحمة من الله، هذا فضلا عن انه ورد في الأمثال الشعبية في مصر ان نوم الظالم عبادة، والمثير أنهم لم يستيقظوا حتى عندما جاء أوباما وخاطب العالم الإسلامي، وهي نفس مهمة 'الحرة'.. يبدو ان أحلام القوم فيها تضاءلت، وصار الهدف ان يخاطب بعضهم بعضا!.
لكن لا بأس، فـ 'الليبية' جئت بها من 'الجُب' لتحتل موقعا متميزا ومتقدما حتى بالنسبة لقناة 'الحرة'، التي تبث إرسالها من واشنطن رأسا، لأن حمدي قنديل بعد ان ضاق به الفضاء، في زمن السماوات المفتوحة، استقبلته المحطة المذكورة على الرحب والسعة، ضمن خطة طموحة استهدفت ان تنافس الشقيقة 'العظمى' ليبيا على الريادة الإعلامية!.
'الليبية' محطة خاصة في الأصل والفصل، المساهم الأكبر فيها هو سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي، لكن القذافي الأب قام بتأميمها، فتارة ينضم إرسالها الى فضائية 'الجماهيرية' وتارة تنفصل، وتارة تنضم 'الجماهيرية' إليها، وذلك في حركة كرم، جامل بها الزعيم إخوانه الزعماء العرب، على حساب ابنه وشركائه، وتوقف برنامج حمدي قنديل، ولم تذع ماريا معلوف برنامجها.
فكرت ان ألقي بـ 'الليبية' في 'اليم' وأزيحها من موقع الصدارة لكن كلما أقدمت على هذه الخطوة يقال لي ان القذافي الابن بصدد ان يهرب بالقناة إلى لندن، ليؤسس مشروعه من هناك بعيدا عن سلطات الأب.. نقول عندنا في مصر ان يوم الحكومة بسنة، ويبدو ان يوم سيف القذافي بألف سنة مما تعدون، لكن قيل ان السبب في التأخير راجع إلى انه يود ان يخطف الاسم، الذي جرى تأميمه في ليبيا، كأنه علامة تجارية لم تحدث في تاريخ البشرية، مع ان الأسماء على 'قفا من يشيل'، وإذا تمسك الأب مجاملة للأشقاء بتأميم اسم 'الليبية' فليهنأ به! يبدو لي ان المشكلة ليست في الاسم، ولكن في الأموال، وقد جرت مصادرة رأس مال 'الليبية'، وسيف يبدو انه 'مزنوق ماديا'، والناس لبعضها، ويمكن ان يطلب مساعدة أولاد الحلال، او يخبرنا بأن فكرة القناة التلفزيونية قد تبخرت، فأذهب أنا بالقناة إلى حيث مثواها الأخير.. في اليم!
زيارة خاصة
يجمع سامي كليب بين الحسنيين، فهو من ناحية يقدم حوارات جادة تثير المشاهد، ومن ناحية أخرى يهتم بالصورة التي تجذب انتباهه، فسامي لا يقدم برامجه بين أربعة جدران، كما هو حال كثير من البرامج التلفزيونية، لدينا في مصر ربع صحافية، وعُشر مذيعة تقوم بتقليده بجهالة، فتبدو وكأنها تسوق الهبل على الشيطنة.
وقد أمتعنا سامي كليب في برنامجه 'زيارة خاصة' على قناة 'الجزيرة' وهو يقدم لنا صورة من 'جزر القمر'، وقد شعرت بحرج بالغ، لأنني لا اعرف الكثير عن هذا البلد العربي، الذي كشفت كاميرا سامي كليب كم هو ساحر، ويستحق أن نشد إليه الرحال. وقد قام صاحب 'زيارة خاصة' برفع الحرج عنا بما قدمه لنا من معلومات، في حلقة استمعنا فيها إلى صوت الكاميرا، بجانب صوته وضيفه.
قرب لنا كليب البعيد، لنكتشف انه اقرب إلينا من حبل الوريد. وفي الواقع ان الرئيس القمري احمد عبد الله سامبي كان قد لفت الانتباه إليه في كلمته البليغة في قمة الدوحة، التي انتفخ وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط وهو يقول متفاخرا بأنه قد أفسدها. كان الرجل يتحدث بعربية سليمة، وبخطاب مشايخي واضح، شعرت وأنا استمع إليه كأنه خطيب مسجد مقتدر، وعلمت من برنامج 'زيارة خاصة' انه درس في الأزهر، وفي المملكة العربية السعودية، وانه في الأصل رجل دين قبل ان يكون رئيس دولة.
ولم يكن غريبا ان يعرفوا هناك القارئ المصري الراحل الشيخ محمود خليل الحصري، وهو واحد من عُمد دولة التلاوة، الذين بلغت سمعتهم الآفاق، ولم يبق لنا من هذه الدولة سوى الشيخ محمود صديق المنشاوي، والشيخ محمد محمود الطبلاوي. الأول استمعت إليه مؤخرا في سرادق عزاء، قرأ ساعة، ولم يزد ما قرأه عن عشر آيات، أعاد قراءتها أكثر من مرة فحلق بنا في السماء. والثاني كان قارئ الجمعة قبل الماضية التي نقلها التلفزيون المصري من مسجد السيدة نفسية رضي الله عنها، وقد ترهلت أحباله الصوتية، لدرجة ان صوته خذله عندما احتبس وهو يقرأ، فأشفقت عليه وهو يدخل في تحد ليرد الاعتبار إليه، فأرهق نفسه في هذه السن المتقدمة، وامتلأ القلب حسرة.. كتبت سابقا أنني من عشاق الشيخ الطبلاوي.
بدا الرئيس القمري متواضعا وهو يتحدث مع سامي كليب، وبدا طيبا وهو لا يكتفي بما يقدمه من إغراءات للمستثمرين من تسهيلات في تملك الأراضي وخلافه، وإنما زاد على ذلك بمنح الجنسية القمرية للمستثمرين الجادين من العرب والعجم، مشيرا إلى انه قد راعه ان البعض يسافرون إلى الغرب ليحصلوا على الجنسية.
كاميرا برنامج 'زيارة خاصة' نقلت لنا طبيعة خلابة لجزر القمر، ذلك البلد الذي ربما ظن كثيرون منا انه يقع في قلب الصحراء، حيث لا زرع فيه ولا ضرع.
تحية لسامي كليب ولبرنامجه.
وزراء الفشل
لم يعد العرب يحرصون على انتظام الاجتماعات الدورية التي تجمعهم، الا فيما يختص باجتماعات وزراء الإعلام، ووزراء الداخلية، فحتى القمة ليس هناك حرص على ان تعقد في مواعيدها.
ومؤخرا قرأت ان الأشاوس وزراء الاعلام العرب سوف يجتمعون يوم الأربعاء السابع عشر من الشهر الجاري، واندهشت، فما هو المبرر، وقد قضت أحداث غزة على الإجماع العربي الشكلي، ولم يبق إلا ان يضرب بعض القادة العرب رقاب بعض.. بصراحة أتمنى يكون الدم في اجتماع القمة القادم للرُكب، فيتم شحن بعضهم إلى الدار الآخرة، والآخرين إلى غوانتانامو.
لقد قالوا انه موعد الدورة الثانية والأربعين، وإذا جاء موعد الدورة فإنهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون، فالإجماع العربي وان كان قد انتهى بين القادة العرب حتى في جانبه الشكلي والمظهري، فانه باق بين وزراء الداخلية ووزراء الإعلام، لأنهم هنا يواجهون عدوا مشتركا وهو الشعب العربي.
اجتمع القوم وقرروا إقامة مفوضية عامة للإعلام العربي لتنظيم البث الإذاعي والتلفزيوني وفقا للمبادئ المتفق عليها، الأمر الذي يؤكد انهم سائرون في طريق الاستبداد باسم التنظيم.
وقد كلفوا اتحاد الإذاعات العربية، بالتعاون مع المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية 'عرب سات'، والشركة المصرية للأقمار الصناعية 'نايل سات'، وجهاز تلفزيون واذاعة الخليج، ومؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك.. كل هذا الحشد بإعداد دراسة حول إيجاد بدائل للقناة الفضائية العربية التي كان مزمعا إطلاقها باللغات الأجنبية.
وهو ما يعني ان فكرة هذه القناة التي هللوا لها من قبل قد فشلت كما توقعنا في حينه. من فشل إلى فشل يا وزراء الغبراء.
أرض جو
بتعيين الدكتور عبد المنعم سعيد رئيسا لمجلس إدارة جريدة مؤسسة 'الأهرام' الصحافية، تكون قناة (on tv) قد خسرت أهم برنامج فيها، وهو برنامج 'مع المعارضة' الذي يقدمه عبد المنعم سعيد. عموما فان صاحب القناة نجيب ساويرس ليس محظوظا في مشروعاته الإعلامية، لأنه يدس بأنفه في التفاصيل، ولا يعطي الخبز لخبازه.
فقد الرائد متقاعد صفوت الشريف نفوذه داخل 'الأهرام' بعد ان اضطر إلى التخلي عن رجله في المؤسسة 'مرسي عطا الله' الذي تمسك بوجوده على الرغم من المخالفة الصريحة للقانون. فعبد المنعم سعيد هو اختيار لجنة السياسات، كما ان أسامة سرايا رئيس تحرير 'الأهرام' هو اختيار رئيسها السابق إبراهيم نافع. ومن هنا فليس من سبيل أمام الشريف بصفته الحاكم الفعلي لمصر إلا قليلا، إلا ان 'يشتغل لهما في الأزرق'، و'يلبد لهما في الذرة' من اجل افشالهما، وهو خبرة جبارة في هذا المجال.
احتفلت قناة 'الوصل' بالبث الحقيقي لها، بعد مرحلة البث التجريبي، وكان احتفالها بمجموعة من البرامج الجديدة، وقد نجحت بضم احمد حسن الشرقاوي مراسل النيل للأخبار السابق في لندن، إلى فريق المذيعين بها، ببرنامج 'سطور وأقلام'، وكنا قد افتقدنا الشرقاوي بعد عودته إلى مصر.
القدس العربي اللندنية