ويرجع السبب الرئيسي للوفاة بالأنفلونزا إلى مهاجمة الجهاز المناعي للتجمع الفيروسي داخل الرئة، لكن في بعض الأحيان يكون رد فعل الجهاز المناعي أقوى من المطلوب، فيُتلف الكثير من الأنسجة في الرئتين، حتى تفقد القدرة على توصيل كمية كافية من الأكسجين للدم، مما يؤدي إلى الإصابة بنقص التأكسج ثم الوفاة.

هذا العملية بقيت لوقت طويل محط اهتمام مجتمع البحث العلمي، حتى توصل مؤخرًا علماء من معهد جولبنكيان دي سينسيا بالبرتغال إلى نتائج جديدة مبشرة، نشرت في دراسة حديثة بدورية plos pathogens العلمية.

دراسة مبشرة

وعن الدراسة الواعدة تقول ماريا جواو أموريم، قائدة الفريق الذي أجرى الدراسة: "بعد دخول فيروس الإنفلونزا إلى جسم الإنسان، يصدر رد فعل قوي من الجهاز المناعي تجاه التجمع الفيروسي الهائل، الذي سرعان ما يرسل كتائب من خلايا الدم البيضاء والأجسام المضادة والجزيئات الالتهابية للقضاء على الفيروس".

وتتابع: خلال أيام قليلة من هجوم الجهاز المناعي، يمكن القضاء على الفيروس وحماية أنسجتنا منه، لكن في كثير من الأحيان تصاب الرئة بأضرار كبيرة قد تؤدي إلى الوفاة".

تقول أموريم إنهم توصلوا في دراستهم إلى أن هناك بروتينا يتم ترميزه في البشر بواسطة بروتين DAF يرمز إلى عامل تسريع الاضمحلال، هو المسؤول عن تفاقم عدوى الأنفلونزا ويزيد من تلف الرئتين لدى الفئران.

وتُبيّن أن DAF هو مستقبل موجود على سطح معظم الخلايا يعمل على حمايتها من التعرض لهجوم من قبل أحد أنظمة المراقبة المناعية الخاصة بنا. ويحمينا هذا النظام من مسببات الأمراض الغازية بمجرد اكتشافها في الدورة الدموية، عن طريق تعطيل العامل الممرض نفسه، أو داخل الخلايا المصابة، عن طريق وضع استراتيجية للقضاء عليها.

سلاح ذو حدين

من جانبه يقول المؤلف الأول للدراسة نونو سانتوس، إن بروتين DAF قد يكون بمثابة سلاح ذو حدين لأنه إذا دمر المكمل خلايا من المضيف، فهناك خطر مرتبط بإحداث إصابة ذاتية مفرطة من خلال القضاء على الكثير من الخلايا السليمة وتعزيز الالتهاب.

ويتابع: "ارتبطت شدة المرض والوفيات مع كل من النقص أو الزيادة في تنشيط المكمل المرتبط بالبروتين DAF".

على عكس التوقعات، وجد الفريق أن فيروس الإنفلونزا A يستغل بروتين DAF لتحفيز تنشيط المكمل كآلية للتهرب المناعي، مما يزيد من تجنيد الخلايا المناعية، ومن ثم وقوع ضرر بالغ على الرئتين.

ويمثل القضاء على بروتين DAF خطورة بالغة، إذ يؤدي إلى أمراض مناعية، ومن ثم يمكن أن يعتمد دور DAF في عدوى الأنفلونزا على كيفية تفاعله مع بعض أجزاء الفيروس، مما يؤدي إلى القضاء على الفيروس دون الإضرار بالأنسجة السليمة.

وتكمن أهمية الدراسة في فهم العلماء أسباب تلف الرئة، وهو الأمر الذي يفتح أفاقا كبيرة في المستقبل لتوفير علاجات فاعلة تحمي الأنسجة السليمة في الرئتين وتحد من أسباب الوفاة بالأنفلونزا.