ليبيا – قال الخبير الاقتصادي سليمان الشحّومي إنّ النظام المصرفي الليبي عجز في أن يقوم بدوره التقليدي في إدارة النقد بالبلاد وتنظيم حركته وفي خلق الائتمان و إدارته، موضّحًا أنّ هذا العجز فاقم من حدّته عجز البنك المركزي أن يقوم بمهامه المحدّدة بقانون المصارف وأفقده القدرة على إدارة المنظومة النقدية، وقاده إلى تفاقم إزمة السيولة والتي تسربت إلى قنوات مصرفية غير رسمية.
الشحومي وفي منشور له عبر صحفته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي نوّه إلى أنّ المصارف الرسمية استبدلت بمنظومة أخرى تدار بسرعة عالية، واستخدمت كافّة متطلّبات إدارة النقد من خزائن محصنة وبالقرب من الأسواق وآلات العدّ والفرز والتغليف للنقود، حتى فاقت ما تقدّمه المنظومة المصرفية التقلدية والحوالات، بين المدن تتم بسرعة عالية.
وتابع: “كلّ ذلك حول المصارف التقلدية والرسمية إلى شبابيك لصرف المرتبات للموظفين في وسط انعدام السيولة، فلا الأموال التي تتحرك في الأسواق عادت إلى المصارف لتمويل عمليات صرف المرتبات والحسابات الجارية عند طلبها، ولا البنك المركزي في الشرق أو الغرب قادر على تمويل المصارف بالنقد الذي يحتاجونه كلّ شهر لصرف جزء من مرتبات الموظفين، ولا المصارف أصبحت مجرّد آلة صرف نقدي معطلة أغلب الأوقات”.
وأشار إلى تجاوز المبلغ الذي يتحرّك خارج المصارف الرسمية وعبر منظومة السوق لإدارة النقد أكثر من 50 مليار دينار،مردفاً:”ولعل الكثيرين لا يعلمون أن هذه المنظومة النقدية الجديدة أصبحت تلعب دورًا آخر افتكته من المصارف التقليدية وهو التمويل للمشروعات الاستثمارية والاقتصادية عبر آليات التمويل المختلفة”.
وبيّن أن الازمات أصبحت تعصف بشدة بالنظام المصرفي الرسمي، ولعل المقاصة وإرجاع الصكوك ورفض تسويتها بين أعضاء النظام المصرفي الليبي الرسمي يدفع بقوة إلى انهيار شامل إذا لم يتم إجراء معالجات شاملة وحقيقية لانقاذ آخر حصون النظام المصرفي الليبي، والمتمثل في قبول وتسوية الصكوك المصرفية،على حد تعبيره .
وواصل: “ستكون كلّ المفاتيح عاجزة عن فتح أبواب النظام المصرفي التي يبدو أنها أُغلقت بإحكام، لا مناص من إنقاذ النظام المصرفي، ولن يكون ذلك عبر تكتيكات ومناورات أو تجاهل أزمة النظام المصرفي الرسمي واستمرار المصارف فقط كشبابيك لأصحاب المرتبات من الموظفين الحكوميين، وتتحول بمجرد استلامهم لجزء من أموالهم إلى منظومة السوق النقدي الاخرى المنافسة وتتوسع اكثر على حساب تقلص وانكماش المصارف الرسمية”.
الشحومي تساءل: “كيف السبيل إلى إعادة الثقة بالنظام المصرفي الرسمي؟ وكيف يمكن أن يعود كمحرّك للتنمية وأداة لخلق الائتمان المصرفي الذي يخلق المشروعات ويفتح فرص العمل؟”.
المحلل الاقتصادي اختتم منشوره: “الواقع أننا في حاجة لمشروع متكامل لإرجاع النظام المصرفي للعمل، وحتمًا سيكون ذلك بإدماج المنظومة المصرفية غير الرسمية معه لتكون جزءًا منه، وليس منافسًا له. وأن تكون عملية الإدماج وفقًا لقواعد ترسيخ الحرية الاقتصادية ورفع القيود الكمية وتحرير الأسعار بالدرجة الأولى، وباقي الخطوات تأتي تباعًا في إطار برنامج يشترك فيه المصرف المركزي الموحد والمصارف التجارية الرسمية وغير الرسمية بالسوق الليبي”.