الأغنية العربية التي لطالما اعتبرت الكلمة أساساً لا يمكن نفيه أو إلغاؤه من أساساتها، تعيش اليوم أزمة كلمات ونصوص، فعلى رغم أن حضارة الفنون الموسيقية لدينا عريقة وقديمة فإن النموذج الموسيقي والغنائي العربي اليوم يكاد في غالبه لا يعرف ولا يتصل بهذه الحضارة والتاريخ العريق قديمه وحديثه. فسطحية الكلمات وخلوها من الإحساس وعمق المعنى، والتعابير المكررة والمستهلكة، باتت توجد في أغاني الكثيرين، سواء أكانوا ضمن قائمة الأسماء الجديدة من المغنين والنجوم أو حتى في ما بين بعض الأسماء المعروفة في الوسط الفني برقي أعمالها وعراقة أرشيف أعمالها الغنائية.
فعلى رغم غزارة الإنتاج في هذا المجال، إذ إننا بتنا نرى الجديد لكل فنان ضمن فترات قصيرة ومتقاربة، فإن نسبة كبيرة من هذا النتاج الضخم يكاد لا يرقى إلى المستوى الذي يجعله يصنف على أنه فن وإبداع متكامل المقومات، أو حتى قريب من التميز والتفرد. ومع أن الأعمال السطحية والضعيفة تنسب عادةً إلى الجيل الجديد الذي يعتمد على الفيديو الكليبات وسيلة لنجاح وانتشار العمل، فإن بعض الأعمال المقدمة من قبل أسماء معروفة لم تمتلك هذه المواصفات أيضاً. وعلى رغم أن بعضها كان مقتبساً أو ملحناً من أعمال شعرية لشعراء كبار في العالم العربي، فإن هذا لم يمنع من وقوع هذه الأعمال في بعض العثرات، فالفنان العراقي الكبير كاظم الساهر غنى الكثير من الأعمال الشعرية للشاعر السوري الراحل نزار قباني، ولا يمكن لاثنين أن يتجادلا على إحساسها العالي وعمق معانيها، إلا أن تحويل بعضها إلى أغان لم يكن موفقاً بدرجة كبيرة، في مقابل تميز غالبيتها.
فهذه الأغاني التي تعتمد على أعمال شعرية ذات مستوى لغوي عال بدرجة ما، لم تستطع أن تعيش مستوى الغناء الطربي القديم، ولم تستطع أيضاً أن تجاري النمط الغنائي الحديث، الراقي طبعاً، وهكذا تحولت هذه الأغاني إلى تلحين قصائد شعرية، فلم تستطع أن تؤدي دور الأغنية الموسيقية. من دون أن نغفل أن تجربة مثل تجربة الساهر في هذا المجال خلقت نموذجها ونكهتها الخاصة.
في مقابل نجاح كاظم الساهر بوصفه اسماً مميزاً في هذا المجال، فإن آخرين اعتقدوا أنهم بمجرد تأديتهم لأغان باللغة العربية الفصحى فإنهم بذلك يكونون قد حققوا شرطاً لرقي العمل الغنائي، ومن أبرز الأمثلة المغني اللبناني الذي ذاع صيته قبل سنوات يوري مرقدي، الذي قدم عدة أغان بكلمات عربية فصيحة، غير أنه انتقد من قبل البعض حينها كونه لم يلم في هذه الأعمال بأبسط قواعد النص العربي الفصيح الراقي.
وما بين تجربة كاظم الساهر المتفردة ومحاولات يوري مرقدي المنتقدة، نجد تجربة كتجربة المغني والملحن اللبناني مروان خوري الذي غنى مجموعة من الأعمال باللغة العربية الفصيحة، من دون أن يغفل أساسيات إنتاج عمل غنائي، فلا يبتعد عن الواقع الحالي للفن، ولا ينصاع ويتنازل للسطحي من قواعد اللعبة الإنتاجية الفنية في هذه الأيام.
من الأمور الأخرى التي أثقلت نتاج الأغنية العربية بالرديء والسيئ، أن كلمات وألحان الأغاني باتت مكررة ومستهلكة لدرجة يمكن فيها للمستمع الذي يسمع الأغنية للمرة الأولى أن يتنبأ بما سيقوله المغني، لكثرة تكرار هذه اللوازم اللغوية في الأغاني، مما أفرغها من محتواها وإحساسها العميق، فالمستمع الذي تتوافر له نماذج كثيرة يومياً، لم يعد يقنع بأن إحساس الفنان عال أو صادق، عند قوله كلمة روحي، وجرحي، وإحساسي، لكثر ترديدها في جميع الأغاني، لسد ثغرات النص، أو حتى لمجرد ملء الفراغ ما بين الجمل.
ويبقى سوق العرض والطلب في الإنتاج الفني هو من يلعب الدور الرئيسي في تردي البعض وتقدم آخرين، فدفع الفنانين للغناء بلهجات تختلف عن لهجاتهم الأصلية التي يتقنونها بغرض تسويق أعمالهم بشكل أوسع في العالم العربي، فأضر بالبعض أكثر مما أفادهم، لأن الإحساس بمعاني الكلمات بأسلوب اللهجة الجديدة لا يتحقق دائماً، كما أن سعي مجموعة من كتاب الأغنية لخربشة عدة أسطر لا معنى لها سوى أنها مفصلة أساساً على مقاس خصر المغنية أو العارضة التي تؤدي مشاهد الفيديو كليب، ساهم في إنتاج مرحلة صعبة ورديئة وسطحية في تاريخ الموسيقى والغناء العربي.
فعلى رغم غزارة الإنتاج في هذا المجال، إذ إننا بتنا نرى الجديد لكل فنان ضمن فترات قصيرة ومتقاربة، فإن نسبة كبيرة من هذا النتاج الضخم يكاد لا يرقى إلى المستوى الذي يجعله يصنف على أنه فن وإبداع متكامل المقومات، أو حتى قريب من التميز والتفرد. ومع أن الأعمال السطحية والضعيفة تنسب عادةً إلى الجيل الجديد الذي يعتمد على الفيديو الكليبات وسيلة لنجاح وانتشار العمل، فإن بعض الأعمال المقدمة من قبل أسماء معروفة لم تمتلك هذه المواصفات أيضاً. وعلى رغم أن بعضها كان مقتبساً أو ملحناً من أعمال شعرية لشعراء كبار في العالم العربي، فإن هذا لم يمنع من وقوع هذه الأعمال في بعض العثرات، فالفنان العراقي الكبير كاظم الساهر غنى الكثير من الأعمال الشعرية للشاعر السوري الراحل نزار قباني، ولا يمكن لاثنين أن يتجادلا على إحساسها العالي وعمق معانيها، إلا أن تحويل بعضها إلى أغان لم يكن موفقاً بدرجة كبيرة، في مقابل تميز غالبيتها.
فهذه الأغاني التي تعتمد على أعمال شعرية ذات مستوى لغوي عال بدرجة ما، لم تستطع أن تعيش مستوى الغناء الطربي القديم، ولم تستطع أيضاً أن تجاري النمط الغنائي الحديث، الراقي طبعاً، وهكذا تحولت هذه الأغاني إلى تلحين قصائد شعرية، فلم تستطع أن تؤدي دور الأغنية الموسيقية. من دون أن نغفل أن تجربة مثل تجربة الساهر في هذا المجال خلقت نموذجها ونكهتها الخاصة.
في مقابل نجاح كاظم الساهر بوصفه اسماً مميزاً في هذا المجال، فإن آخرين اعتقدوا أنهم بمجرد تأديتهم لأغان باللغة العربية الفصحى فإنهم بذلك يكونون قد حققوا شرطاً لرقي العمل الغنائي، ومن أبرز الأمثلة المغني اللبناني الذي ذاع صيته قبل سنوات يوري مرقدي، الذي قدم عدة أغان بكلمات عربية فصيحة، غير أنه انتقد من قبل البعض حينها كونه لم يلم في هذه الأعمال بأبسط قواعد النص العربي الفصيح الراقي.
وما بين تجربة كاظم الساهر المتفردة ومحاولات يوري مرقدي المنتقدة، نجد تجربة كتجربة المغني والملحن اللبناني مروان خوري الذي غنى مجموعة من الأعمال باللغة العربية الفصيحة، من دون أن يغفل أساسيات إنتاج عمل غنائي، فلا يبتعد عن الواقع الحالي للفن، ولا ينصاع ويتنازل للسطحي من قواعد اللعبة الإنتاجية الفنية في هذه الأيام.
من الأمور الأخرى التي أثقلت نتاج الأغنية العربية بالرديء والسيئ، أن كلمات وألحان الأغاني باتت مكررة ومستهلكة لدرجة يمكن فيها للمستمع الذي يسمع الأغنية للمرة الأولى أن يتنبأ بما سيقوله المغني، لكثرة تكرار هذه اللوازم اللغوية في الأغاني، مما أفرغها من محتواها وإحساسها العميق، فالمستمع الذي تتوافر له نماذج كثيرة يومياً، لم يعد يقنع بأن إحساس الفنان عال أو صادق، عند قوله كلمة روحي، وجرحي، وإحساسي، لكثر ترديدها في جميع الأغاني، لسد ثغرات النص، أو حتى لمجرد ملء الفراغ ما بين الجمل.
ويبقى سوق العرض والطلب في الإنتاج الفني هو من يلعب الدور الرئيسي في تردي البعض وتقدم آخرين، فدفع الفنانين للغناء بلهجات تختلف عن لهجاتهم الأصلية التي يتقنونها بغرض تسويق أعمالهم بشكل أوسع في العالم العربي، فأضر بالبعض أكثر مما أفادهم، لأن الإحساس بمعاني الكلمات بأسلوب اللهجة الجديدة لا يتحقق دائماً، كما أن سعي مجموعة من كتاب الأغنية لخربشة عدة أسطر لا معنى لها سوى أنها مفصلة أساساً على مقاس خصر المغنية أو العارضة التي تؤدي مشاهد الفيديو كليب، ساهم في إنتاج مرحلة صعبة ورديئة وسطحية في تاريخ الموسيقى والغناء العربي.
يارا ماهر - صحيفة الوسط