في حادثة لا تنقصها الدلالات حاول جنود موالون للواء الليبي خليفة حفتر منع رئيس الوزراء «المعترف به دوليا» عبد الله الثني من زيارة مدينة بنغازي في شرق ليبيا مطلع الأسبوع الحالي.
وبحسب رواية عمر السنكي وزير الداخلية «المعترف به دولياً» أنه بينما كانت طائرة الثني تقترب من بنغازي تحدث ضابط مع قيادة الطائرة وقال إنه لم يصدر لها إذن بالهبوط. وأضاف أن الثني تمكن من الهبوط رغم هذا وعقد اجتماعا لمجلس الوزراء في بنغازي بعد أن زار قادة عسكريين.
وكي لا يكون هناك شكّ في أن الحادثة مقصودة أكد مسؤول كبير رافق الثني في الزيارة أن مجموعة مسلحة من 70 جندياً أوقفت قافلة السيارات التي كانت تقل المسؤولين الليبيين وان الموكب تعرض لمضايقات وأن الجنود أطلقوا بعض الأعيرة النارية في الهواء لإرهاب أعضاء الموكب الحكومي.
يأتي هذا بعيد إعلان برلمان طبرق إلغاء الحظر السياسي على مسؤولي النظام السابق، في خطوة اعتبرها البعض تمهيداً قانونياً لتولّي اللواء حفتر أي منصب سياسي في المستقبل بما فيها منصب رئيس الجمهورية.
يضاف إلى هذا المشهد العام تزايد الحوادث الغامضة التي يتّهم بها الجنرال الليبي، والتي تموّه الفوارق بين تصرّفات قوّاته، وسلوكيّات الميليشيات التي يحاربها، فازدياد الحوادث الأمنية في طرابلس، مقر المعارضة الرئيسية لحفتر، أدى لاتهامات للواء المذكور بضلوعه في تدبيرها، وإذا أضفنا حوادث أخرى من قبيل اختفاء صحافيين تونسيين بعد خروجهما من قاعدة تخضع لنفوذ حفتر، وتزايد حوادث التفجير بالسيارات المفخخة في طرابلس، حيث تتمركز القوى السياسية والعسكرية المعارضة لحفتر، لتكمّل السيناريو الأول الذي مهّد لصعود الجنرال الغامض من خلال اغتيالات متواصلة لقيادات أمنية وعسكرية ليبية، مما وفّر القاعدة السياسية والنفسية لاستتباع ما وجد من قطعات نظامية ليبية بحركة حفتر، التي سرعان ما تبيّن أنها جزء من مخطط إقليميّ واسع لتمكين الثورة المضادة وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء ليس في ليبيا وحدها بل في كل العالم العربي.
تصريح محمد حجازي، الذي انتقل بطريقة كاريكاتورية من دور المسؤول الإعلامي لحفتر ليصبح «المتحدث باسم القيادة العامة للجيش الليبي»، أكّد معالم هذا السيناريو بقوله في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية إن من حق حفتر «إذا استقال من المؤسسة العسكرية واراد أن يتوجه للحياة المدنية أن يشغل أي منصب سياسي شأنه في ذلك شأن أي مواطن ليبي… بما في ذلك رئاسة الدولة».
وفي ضوء كل ذلك يبدو أن اعتراض طائرة وقافلة رئيس الوزراء هي جزء من الحملة الإعلانية للرئيس الليبي المقبل وهي تكرّر عملياً ما حصل في حلقة سابقة من هذا المسلسل الليبي حين كان المسؤولون الليبيون المنتخبون يتم استدعاؤهم بفظاظة من قبل قادة الميليشيات ويؤنبون على سلوكياتهم وتُملى عليهم الأوامر.
مقصود الرسالة الموجهة من حفتر لليبيين، مسؤولين ومواطنين، أن الدعاية الكبرى التي انخدعوا فيها بدفاع الجنرال صاحب «حملة الكرامة» عن كراماتهم، لم تعد ضرورية، بعد أن حاز على القوّة الأرضية والتغطية الإقليمية والعالمية.
ولا عزاء لليبيين.
رأي القدس
المصدر : القدس العربي