أحب أن أسميها "نعمة" أو "فاطمة" أو "منى" أو "عائشة"، هي "قبيلة من النساء،" كما قال الشاعر السوري نزار قباني، تلك النساء المناضلات في العشق، والعائلة، والزواج، والمجتمع، واللواتي عجنت شخصيتي كل منهن بلمستها الخاصة. لم تكن الأفلام المصرية هجينة عن بيتنا في طفولتي، وخصوصاً عندما تمكنت والدتي رغم الحالة المادية الصعبة، من شراء جهاز الفيديو الأسود الكبير. كانت تلك رفاهية لا تحظى بها الكثير من العائلات. في كل أسبوع تستأجر والدتي أفلام الفيديو المستطيلة السميكة، والتي تغطيها أغلفة "هوليوودية مصرية" من عند "عمو واكيم" الذي كان يمتلك محلاً لبيع وتأجير أفلام الفيديو والكاسيت تحت بيتنا. ورغم صغر سني وبراءتي، لم تجد أمي مهرباً من إصراري على مشاركتها في مشاهدة الكثير من الأفلام المصرية "الأكشن" والتي باتت طقساً في بيتنا، يبدد شيئاً من الوحدة والعزلة التي أسدلت فيها الحرب الأهلية اللبنانية بسوادها علينا. مخدرات، ودعارة، وعلاقات محرمة.. كنت أخاف على من أحبهم، من هذه المشاهد القاسية في الأفلام المصرية، وكانت تترك أثراً مزعجاً في أحلامي وكوابيسي وتفاصيل حياتي اليومية.