لم تكن طالبة الفرقة الثالثة تعلم أنها ستفاجأ بقرار فصلها قد سبقها إلى بيتها بعد يومها الدراسي العادي في الكلية.
"كم هو إجراء قاس، كنت طالبة متفوقة ولم يتم عقابي من قبل، أو حتى توجيه إنذار لي"، حسبما تروي الفتاة المحجبة ذات العشرين عاما.
"يتهموني بمخالفة اللوائح، ولهذا فصلوني لمدة عام واحد. لكن لم تكن هناك أي فرصة لأن أدافع عن نفسي" هكذا تقول الطالبة التي فضَّلت إخفاء هويتها خشية أن تبوء مساعيها للعودة إلى مقاعد الدراسة بالفشل.
وتستطرد "لقد زُرع الشك فيما بين الطلاب، نخشى بأن نتصارح بميولنا وأفكارنا، فربما يكون بيننا من ينقل الأخبار للأمن فيفاجأ أحدنا بفصله".
ثمن باهظ
حالة هذه الفتاة ربما تكون أخف وطأة من أحمد نور الدين الذي فصل نهائيا من كلية الإعلام بجامعة الأزهر العام الماضي.
يتذكر نور الدين الأحداث "ألقي القبض علي لدى خروجي من الجامعة إثر اشتباكات بين الأمن ومتظاهرين من الطلاب، ما هي إلا أيام حتى فوجئت بقرار فصلي".
وحينما سألت الشاب الذي يسكن شقة متواضعة في القاهرة مع عدد من أصدقائه عما إذا كان قد شارك في تلك الاشتباكات أجابني "كنت ألتقط الصور خلال الاشتباكات بين قوات الأمن والطلاب المتظاهرين، أنا أهوى التصوير ولذلك التحقت بكلية الإعلام رغم أني حصلت على مجموع كبير في الثانوية يؤهلني لدخول كلية الهندسة". ويردف "أما الآن فلا أمل لي في الحصول على مؤهل عال، حاولت الالتحاق بجامعة أخرى لكني اكتشفت أن كوني مفصولا يحرمني من التعليم الجامعي نهائيا، لذلك لجأت إلى القضاء".
العشرات من الطلاب والطالبات الذين تتهمهم الإدارات الجامعية بمخالفة الأنظمة وتعريض المنشآت للخطر وجدوا ذات مصير نور الدين.
وتأتي هذه القرارات على خلفية أعمال عنف كانت ساحات الجامعات المصرية مسرحها كادت تعطل الدراسة العام الماضي.
وفي أعقاب تلك التطورات أقر الرئيس المصري أقر تعديلا قانونيا يمنح رؤساء الجامعات صلاحيات واسعة أهمها توقيع عقوبة الفصل على الطلاب الذين يشاركون في أعمال تخريبية.
وتخشى الإدارات الجامعية أن تقع أحداث مشابهة خلال العام الجاري، خاصة في ظل استمرار حالة الاحتقان السياسي.
وفي الأسبوع الماضي دعت حركة "طلاب ضد الانقلاب" التي يهيمن عليها منتمون للإخوان المسلمين إلى مظاهرات تحت عنوان "كسر الحصار".
وقالت الحركة في بيان لها نشر عبر موقع فيس بوك "ندعو أبناء الحركة الطلابية للمشاركة بفعالية ضد القمع واعتقال الطالبات وحصار الجامعات".
وأمس، أعلنت جامعة الأزهر فصل أكثر من عشرين طالبا وطالبة على خلفية اشتباكات شهدتها الجامعة خلال هذا الأسبوع .
"نتائج عكسية"
ويخشى بعض الخبراء من أن يؤدي التوسع في ذلك النهج لنتائج عكسية. الدكتور كمال مغيث الباحث في العلوم الاجتماعية والتربوية يقول إن حرمان الطالب من حقه في التعليم لن يؤدي إلى ردعه عن المعارضة. "قد يؤدي الفصل إلى انضمام الطلاب للجماعات التي تطالب بإسقاط النظام وليس مجرد معارضته".
وعلى الرغم من الانتقادات، يقول الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة إن فصل الطلاب الذين يتورطون في أعمال شغب قرار اضطراري لحماية العملية التعليمية. "أحيانا ما يكون قرار الفصل لا يتناسب مع حجم الجرم الذي يقع من بعض الطلاب". ويردف "في العام الماضي تم اقتحام كلية الحقوق وتحطيم بوابتها وحرق بعض غرف الأمن وإتلاف قاعات في كلية دار العلوم، لا نريد أن يتكرر هذا".
وقائع مصورة
لكن بعض الطلاب يقولون أن إجراء الفصل يباغتهم على حين غرة، حيث لا تكون هناك فرصة كافية للدفاع عن النفس في مواجهة الاتهامات التي توجها لهم إدارة الجامعة.
ويؤكد الدكتور نصار أنه يتم إبلاغ الطلاب بموعد التحقيق لكن بعضهم لا يمتثل بالحضور، وهذا لا يعني حرمان الجامعة من حقها في عقابه. "نعتمد على الصور التي تلتقطها آلات التصوير المثبتة في أرجاء الجامعة لإثبات ارتكاب الطالب المخالفة" حسبما أوضح.
ومع ذلك وعد رئيس جامعة القاهرة بإعادة الطلاب الذين تثبت براءتهم إلى مقاعد الدراسة. "لقد عدلنا بالفعل عن بعض القرارات بناء على تعهد من أولياء الأمور بمراقبة سلوك أبنائهم وعدم تكرار ما قاموا به من أفعال".