ربما نكون على أعتاب مرحلة جديدة من انتشار مرض إيبولا في غرب أفريقيا.
حقيقة الأمر، حديث يتردد في الفترة الأخيرة، لكن بتحفظ شديد، داخل أروقة منظمة الصحة العالمية عن أن نسب حالات الإصابة الجديدة بالوباء القاتل لم تعد ترتفع كما كان يحدث في المرحلة الأولى لظهور الفيروس.
وقال مسؤولون بالمنظمة لـ"بي بي سي" إنهم يتوقعون أن يتوقف عدد الإصابات الجديدة عند مستوى 1000 حالة أسبوعيا.
ويختلف ذلك بشكل كبير عن معدل انتشار إيبولا في مرحلته الأولى، حين كان عدد المصابين يتضاعف كل 3-4 أسابيع.
وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، توقع فريق بحث من منظمة الصحة العالمية وكلية إمبريال كوليدج أن يصل إجمالي عدد المصابين بالفيروس إلى عشرين ألف حالة بحلول اليوم (2 نوفمبر/تشرين الثاني).
لكن أعداد الحالات المؤكدة والمحتملة والمشتبه فيها يقف عند حوالي 13567 حالة.
وكانت تلك التوقعات المبكرة، التي تستند إلى حسابات رياضية، على جانب كبير من الأهمية لأنها تلفت انبتاه العالم إلى مدى خطورة انتشار المرض.
انحسار الوباء
تولى كريستوفر داي، مدير الاستراتيجيات في مكتب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تحدي توقع انتشار إيبولا.
وقال داي لبي بي سي إن "الوضع تغير بشكل واضح فيما يتعلق بمسار الوباء."
وأضاف: "ما رأيناه بوضوح هو تباطؤ في انتشار المرض في عدد من المناطق المتضررة بثلاث دول."
يُذكر أن مقاطعة لوفا في ليبيريا وأحياء مثل كينيما وكايلهون في سيراليون حققت تقدما ملحوظا في التعامل مع المرض.
ويقول داي: "عندما ننظر إلى الوباء بصفة عامة الآن، مع توافر أفضل المعلومات المتاحة لدينا، نستطيع القول أن عدد الحالات الجديدة كل أسبوع لن يتجاوز المستويات الحالية، وهو حوالي ألف إصابة أسبوعيا."
وتابع: "نعلم أن هناك حالات كثيرة لا يتم الإبلاغ عنها، لذلك لابد من التأكيد على وجوب توخي الحذر. ولكن عند النظر إلى المشهد العام، نستطيع تأكيد أننا اجتزنا مرحلة النمو السريع التي شهدناها في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول."
تجدر الإشارة إلى أنه حتى مع لو تأكد استقرار عدد الحالات الجديدة على 1000 حالة أسبوعيا، فهذا المعدل لا يعد سببا للفرح.
وشكك الدكتور بروس آيلوورد، من منظمة الصحة العالمية، في أي محاولة للزعم بأنه تم احتواء فيروس إيبولا.
ومن الواضح أن هناك الكثير من العمل المطلوب إنجازه حتى يقضي الخبراء على الفيروس الفتاك.
رغم ذلك، يؤيد نيك غولدنغ، أستاذ الطب بجامعة أوكسفورد، وجهة نظر العامة التي ترى معدلات انتشار المرض تغيرت بصورة جذرية.
وأضاف: "ربما ينطبق ذلك على انتشار المرض بشكل عام، لكن في بعض المناطق المتضررة نجد انتشارا كبيرا للفيروس."
بيانات غير دقيقة
ومع توافر هذا الكم من المعلومات عن معدل الانتشار، لا زال هناك عجز كبير في البيانات.
وينطبق ذلك على ليبيريا - التي يُفترض أنها تشهد تراجعا في عدد حالات الإصابة الجديدة - حيث أن نسبة الحالات المبلغ عنها التي تثبت إصابتها معمليا تقدر بـ38 في المئة مقابل 85 في المئة في غينيا.
وثمة مخاوف من وجود أعداد كبيرة لم يبلغ عنها والتي تشير أقل التقديرات إلى أنها ضعف عدد الحالات المبلغ عنها.
ومن المنتظر أن تتوافر توقعات جديدة حول مستقبل إيبولا بمجرد أن يقف العلماء على طبيعة التغير الطارئ على انتشار الفيروس.
وكانت التوقعات الأولية الصادرة عن الوكالة الأمريكية لمكافحة الأمراض مرتفعة للغاية تشير إمكانية وصول إجمالي عدد حالات الإصابة إلى 1.4 مليون حالة في يناير/ كانون الثاني المقبل.
لكن يبدو في حكم المؤكد أن تلك التوقعات كان مبالغة جدا.
ويقول داي "حتى لو استطعنا القول أن مرحلة الارتفاع الكبير في معدلات انتشار المرض انتهت، فإن هدفنا هو القضاء نهائيا على انتشاره بين البشر، وأمامنا مسافة كبيرة تفصلنا عن ذلك."
وأضاف:"حتى إذا شاهدنا تراجعا في عدد الإصابات في جميع المناطق المتضررة، فسوف يكون لدينا مهمة لابد من إنجازها."